قوله قدسسره : ومنها أنّ الثابت في الزمان الأوّل ممكن الثبوت في الآن الثاني ... الخ (١).
أقول : هذا الاستدلال مبنيّ على كفاية العلّة المحدثة للبقاء ، أي عدم احتياج الممكن إلى المؤثر إلّا في حدوثه.
فيرد عليه أوّلا : إنّه خلاف التحقيق.
وثانيا : ما أورده المصنّف رحمهالله ، من منع استلزام عدم العلم بالمؤثّر رجحان عدمه ، المستلزم لرجحان البقاء.
اللهمّ إلّا أن يكون غرضه من رجحان البقاء ترتيب أثره في مقام العمل ، بالنظر إلى ما استقر عليه طريقة العقلاء ، من عدم الاعتناء باحتمال وجود المزيل ما لم يتحقّق ، كما تقدّم تحقيقه فيما سبق ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : ومنها بناء العقلاء على ذلك في جميع امورهم ... الخ (٢).
أقول : قد عرفت أنّ هذا هو العمدة في باب الاستصحاب ، وأنّ أخبار الباب منزّلة عليه وامضاء له.
ولكنّك قد عرفت اختصاص هذا الدليل بما عدا الشكّ في المقتضي ، وأنّ بناء العقلاء إنّما هو على عدم الاعتناء باحتمال الرافع في رفع اليد عمّا كانوا عليه ، فلو كانوا يقلّدون شخصا ، لا يرفعون اليد عن تقليده بمجرّد احتمال موته ، أو كان شخص وكيلا عن شريكه ، أو شخص آخر قائما مقامه في دكّانه ملتزما بالقيام بالوظائف التي كانت عليه ، كالإنفاق على زوجته وأولاده ، وحفظ أمواله ، لا يعتزل عن عمله باحتمال موت الموكّل ، بل لا يعهد عن عاقل رفع اليد عمّا كان عليه في شيء من مثل
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٣٨ سطر ١١ ، ٣ / ٨٦.
(٢) فرائد الاصول : ص ٣٤١ سطر ٦ ، ٣ / ٩٤.