أنّه يجب فعله أو تركه ، أو لا يجب مع حصولهما من أيّ طريق» ، لأنّ ظاهره أنّ الأحكام الواقعية لو وصلت إلينا بواسطة الحجّة ، يجب امتثالها ، ولو حصل العلم بها من طريق آخر لم يجب. كما يؤيّد إرادته لذلك ما نقله المصنّف قدسسره عنه في صدر البحث ، من منع حجّية حكم العقل في الشرعيات لكثرة الخطأ فيه ، لا لادّعائه كون نفس الأحكام مشروطة بوصولها بطريق سمعي.
وكيف كان ، فإن أراد المعنى الأوّل كما هو الظاهر ، يتوجّه عليه ما أورده المصنّف قدسسره في الكتاب ، وإن أراد المعنى الثاني ـ وإن كان بعيدا ـ يتوجّه عليه أنّ ما التزمه تقييد في إطلاقات الأدلّة من دون مقيّد صالح لذلك ، مع أنّه إن أمكن الالتزام به ففي غير المستقلّات ، وأمّا فيها كوجوب مقدّمة الواجب ، أو حرمة الضدّ ـ على القول بهما ـ أو وجوب ردّ الوديعة ، وحرمة الظلم ، وغيرهما من الأحكام العقليّة فلا ، لعدم قابليتها للتقييد ، حيث أنّ مناطها بيد العقل ، فلا يجدي الالتزام به في الفرار عن حجّية حكم العقل في المستقلّات.
هذا ، مع أنّ غير المستقلّات أيضا ربّما لا تصلح للتقييد ، لاباء دليلها عن ذلك ، وظهور أدلّتها السمعية في كون متعلّقاتها هي الأحكام الواقعية ، وكون الأدلّة طريقا لها لا من مقوّمات موضوعها ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : قلت أوّلا ... الخ (١).
أقول : حاصل الجواب أنّ وجوب إطاعة الله تعالى من المستقلّات العقلية الغير القابلة للتخصيص ، وفي كلامه إشارة إلى أنّ المناط في وجوب الإطاعة ، وحرمة المعصية ، إنّما هو إحراز كون الشيء محبوبا عند الله تعالى ، بحيث لا يرضى
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١١٧ سطر ٢٠ ، ١ / ٦٠.