حتّى يصلح أن يكون مرجّحا للطّرح على الجمع ، كما لا يخفى على المتأمّل.
قوله قدسسره : وفيما نحن فيه يكون وجوب التعبّد بالظّاهر ... الخ (١).
أقول : وجه المزاحمة أن ليس معنى وجوب التعبّد بسند الخبر ـ بمجرّد الالتزام بصدوره ـ الغير المنافي للحمل على تقية ونحوها ، بل الالتزام بمضمونه في مقام العمل ، وهذا ممّا لا يمكن اجتماعه مع التعبّد بظاهر الآخر فيما نحن فيه ، أي في الخبرين الذين لا يمكن الجمع بينهما إلّا بارتكاب التأويل فيهما.
قوله قدسسره : لأنّ الشكّ فيه مسبّب عن الشكّ في التعبّد بالنصّ (٢).
أقول : ربّما يقال بمثل ذلك في الظاهرين ، بدعوى أنّ الشكّ في إرادة خلاف الظاهر منهما كما في المتواترين ، فلا مانع عن الأخذ بعموم ما دلّ على اعتبار السند بالنسبة إليهما ، ومن آثار التعبّد بهما ارتكاب التأويل في ظاهريهما.
ومن المعلوم أنّه لا يجوز طرح السّند لأجل الفرار من التأويل ، كما في الخبر الذي لا معارض له ، وظاهره مخالف للإجماع.
ويدفعه : إنّ دعوى كون الشكّ في إرادة خلاف الظاهر من كلّ منهما مسبّبا عن الشكّ في صدور الآخر ، ليست بأولى من دعوى أنّ الشكّ في صدور الآخر مسبّب عن الشكّ في إرادة الظاهر من هذا الخبر ، فهذا يكشف عن أنّ الشكّ في كليهما مسبّب عن أمر ثالث ، وهو العلم بالتنافي بين الأمرين.
إن قلت : هب أنّ الأمر كذلك ، لكن لنا أن نقول بذلك في النصّ والظاهر ، إذ لو فرضنا القطع بإرادة الظاهر لبطل احتمال صدور النصّ ، فهذا أيضا ـ على ما ذكرت ـ
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٣٤ سطر ٢١ ، ٤ / ٢٢.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤٣٥ سطر ٤ ، ٤ / ٢٣.