قوله قدسسره : منضمّا إلى نصفه الآخر ... الخ (١).
أقول : احتراز عمّا لو لوحظ النصف منفردا غير منضمّ إلى النصف الآخر ، فانّ الحكم بكون قيمته نصف قيمة المجموع قد لا يكون تصديقا للمقوّم في شيء ، فانّه ربّما يختلف قيمة الجزء منفردا ومنضمّا كمصراع الباب وفردة الخفّ ، كما لا يخفى.
قوله قدسسره : بمعنى أنّ الشارع لاحظ الواقع وأمر بالتوصّل إليه من هذا الطريق ... الخ (٢).
أقول : حال أمر الشارع بسلوك هذا الطريق ، حال حكم العقل بوجوب سلوك الطّرق الظنّية من باب الإرشاد ، عند انسداد باب العلم ، وتنجّز التكليف بالأحكام الواقعية وعدم التمكّن من الاحتياط ، أو حكمه بسؤال أهل الخبرة في المقاصد العقلائية ، كسلوك طريق عند إرادة السير إلى بلد والجهل بطريقه ، فلو سئل شخصا يثق بخبره وخبرته بطريق ذلك البلد فدلّه على جهة وجب عليه العمل بقوله ، ولكن لو سأل شخصا آخر مثله ، ودلّه على خلاف تلك الجهة لم يجز له العمل بشيء منهما ، بل وجب عليه التوقّف والرجوع إلى الاصول الجارية في ذلك المورد ، فلو سلك إحدى الجهتين أخذا بأحد القولين وتخلّف عن الواقع ، ليس له الاعتذار لدى العقل والعقلاء بكونه عاملا بقول أهل الخبرة ، فانّ جواز العمل بقول أهل الخبرة لدى العقل والعقلاء مقيّد بعدم معارضته بمثله ، إذ المعارضة توجب القطع بمخالفة أحدهما للواقع ، فلا يعقل جواز العمل بذلك الخبر المعلوم مخالفته للواقع من باب الطريقية.
وكون ذلك الخبر الذي علم إجمالا مخالفته للواقع هذا دون ذاك ليس بأولى من عكسه ، فلا يبقى للعقل مجال للأمر بسلوك كليهما من باب الطريقية ، بعد العلم بمخالفة
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٣٧ سطر ٨ ، ٤ / ٣٠.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤٣٩ سطر ٧ ، ٤ / ٣٨.