الاصول المنافية ، لما علمه بالإجمال.
ولا تتوهّم : إنّه بعد أن وجب عليه تصديق أحد الخبرين إجمالا ، يصير المتعارضان بمنزلة ما لو اشتبه خبر صحيح بين خبرين ، أي من قبيل اشتباه الحجّة باللّاحجّة.
إذ المتعارضان متكافئان فيما هو مناط الحجّية ، وليس لأحدهما خصوصية واقعية تخصّصه بالحجّية كما في الخبر الصحيح المشتبه بغيره ، وكون احدهما في الواقع غير معلوم الكذب ليس من الخصوصيات المميّزة له عن الآخر المقطوع بكذبه ، فانّ كلّا منهما إذا لوحظ بنفسه محتمل الصدق ، وإذا لوحظ مع الآخر علم إجمالا بكذب أحدهما ، لا بوصف زائد يميّزه عمّا ليس للآخر.
نعم ، لو علم بصدق الآخر ، أي علم إجمالا بأنّ أحدهما صادق والآخر كاذب أمكن جعله من باب اشتباه الحجّة باللّاحجة ، وأنّما علم إجمالا صدقه له امتياز واقعي كالخبر الصحيح.
ولكن عدّ هذا أيضا من هذا القبيل لا يخلو عن مسامحة ، حيث أنّ وجوب اتّباع ما علم صدقه ذاتي ، فهو خارج عن محلّ الكلام ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : ومقتضاه الرجوع إلى الاصول العملية (١).
أقول : يعني الاصول العملية المسانخة للتعبّد بصدق أحدهما على سبيل الإجمال ، أي الغير المستلزمة لطرحهما رأسا.
قوله قدسسره : يتساقطان (٢).
أقول : من حيث الطّريقية الى مؤداهما بخصوصه لا مطلقا ، حتّى بالنسبة إلى
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٣٩ سطر ١٥ ، ٤ / ٣٨.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤٣٩ سطر ١٦ ، ٤ / ٣٩.