نفي الثالث ، فانّه ينافي التوقّف على ما فسّره في صدر المبحث.
قوله قدسسره : من حيث أنّ التوقّف في الفتوى يستلزم الاحتياط في العمل (١).
أقول : قد يناقش في الملازمة بأنّ ترك الفتوى بمضمون شيء من الخبرين المتعارضين ، الدالّ أحدهما على إباحة شيء ، والآخر على حرمته مثلا ، لا ينافي ارتكابه في مقام عمله تعويلا على قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ويدفعه : أن ليس المقصود بالتوقّف في الفتوى ترك الافتاء بمضمون الخبرين ، فانّ هذا المعنى من حيث هو أجنبي عن مفاد أخبار التوقّف ، بل المقصود به عدم جواز الأخذ بشيء من الخبرين ، أو طرح شيء منهما لا في مقام عمله ، ولا في مقام الفتوى ، الذي هو أيضا نوع من عمله ، كما أنّ التوقّف بهذا المعنى هو المراد باخبار التوقّف ، ويلزمه الاحتياط في كلا المقامين.
فالتعبير عن «التوقّف» ـ الذي هو مفاد الأخبار الآمرة بالتوقّف في الخبرين المتعارضين ، بالتوقّف في الفتوى ، مع أنّه أعمّ للإشارة إلى أنّ مفاد هذه الأخبار أوّلا وبالذّات هو التوقّف في المسألة الاصولية ، أي في مقام الاستنباط المستلزم للاحتياط في مقام العمل ، لا التوقّف في المسألة الفرعية الذي هو عبارة اخرى عن الاحتياط وترك المضي في الشبهات ، كما هو المراد ببعض الأخبار المتقدّمة في مبحث أصل البراءة الآمرة بالوقوف عند الشّبهات ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : لقوّة احتمال أن يكون التخيير حكما ظاهريا ... الخ (٢).
أقول : كحكم العقل بالتخيير في دوران الأمر بين المحذورين ، أو الشرع في
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٤٣٩ سطر ٢٣ ، ٤ / ٤٠.
(٢) فرائد الاصول : ص ٤٤٠ سطر ١ ، ٤ / ٤٠.