في ضمن خطابات مجملة لم نتعقل تفصيلها ، أو خطابات غير واصلة إلينا.
هذا ، مع أنّ كثيرا من العقليات الغير المبنية على قاعدة التحسين أو التقبيح ، بل أكثرها أحكام عدميّة تترتّب عليها آثار شرعيّة ، ولا يعقل إنشاء الحكم فيها ، كمسألة الضدّ ، واجتماع الأمر والنهي والنهي في العبادات ، ونظائرها ممّا يعمّ الابتلاء بها في المسائل الفقهية ، التي هي في الحقيقة مطرح أنظار المثبتين والنافين ، دون العقليات المبتنية على التحسين والتقبيح العقليين ، التي لم نعثر على مورد لها لم يف بإثبات حكمها دليل سمعي.
نعم ، كثيرا ما نستدلّ في بعض الموارد بأنّ هذا قبيح فهو حرام ، أو أنّ تركه كذلك ، لكن هذا إذا كان ذلك الشيء مندرجا في موضوع كلّي كالظّلم الذي حكمه ضروري عقلا ونقلا ، وتشخيص موضوع ذلك الحكم الكلّي بالعقل ، ليس إلّا كتشخيصه بغيره من الامور الخارجية ، ليس بيانها من وظيفة الشارع ، فليتدبّر.
ولقد أعجب بعض الأفاضل ـ فيما حكي عنه ـ في تعليقاته على الكتاب ، معترضا على المصنّف قدسسره بأنّ مذهبهم ـ أي الاخباريّين ـ مبنيّ على كون العلم المأخوذ في وجوب الامتثال وتنجزه ، إنّما هو العلم الموضوعي الخاص الذي يتبع في تعيين سببه وغيره من جهاته تعيين المولى وجعله ، وهم يدّعون تعيينه بالسّماع من الإمام عليهالسلام ، كما يساعد عليه الاخبار ، وهذا أمر معقول لا إشكال فيه ، وشدّة إنكاره قدسسره عليهم مبنيّ على كونه طريقا ، بمعنى أنّ المعتبر فيه هو العلم بالتكليف من أيّ سبب كان ، ونسب إليه الغفلة عنه والمغالطة في هذا الإنكار!
وفيه ما لا يخفى ، فانّ وجوب الامتثال حكم عقلي ، وتنجّز التكاليف عبارة عن عدم معذورية المكلّف في المخالفة ، فهذا معنى تنجّزه ، وإن اريد به معنى آخر فلا دليل على اعتباره في وجوب امتثال الواجبات الواقعية ، بل العقل قاض بخلافه ، فشدّة الإنكار عليهم إنّما هو لزعمهم أنّ العلم المأخوذ في موضوع وجوب الإطاعة ،