ويمكن أن يقال : إنّ تقديم الموهوم مخلّ بالجزم بالوجوب حال الإتيان بما هو واجب عليه في الظاهر ، لاحتمال كون الموهوم واجبا في الواقع ، فلا يقطع بتوجّه الأمر عليه حال الإتيان بالمظنون ، وهذا بخلاف ما لو قدّم المظنون ، فانّه جازم حال إتيانه بتنجّز الواجب عليه ، وكونه في مقام امتثال الواجب الواقعي ، فليتدبّر.
قوله قدسسره : عدا السيّد أبي المكارم في ظاهر كلامه (١).
أقول : قال السيّد في محكي «الغنية» :
و «تعلّق من ذهب إلى أنّ مطلقه يقتضي الوجوب ، بذمّ العقلاء العبد على مخالفة مولاه باطل».
إلى أن قال : «وتعلّقهم بأنّ الأمر إذا احتمل الإيجاب والندب ، وجب حمله على الإيجاب ، لأنّه أعمّ فائدة وأحوط في الدّين ، ظاهر الفساد».
إلى أن قال : «وقولهم إنّ ذلك أحوط في الدين غير صحيح ، بل هو ضدّ الاحتياط ، لأنّه يؤدّي إلى أفعال قبيحة ، منها اعتقاد وجوب الفعل ، ومنها العزف على ادائه على هذا الوجه ، ومنها اعتقاد قبح تركه ، وربّما كرّه هذا الترك ، وكلّ ذلك قبيح ، لأنّ من أقدم عليه يجوّز قبحه لتجويز كون المأمور به غير واجب ، والاقدام على ما لا يؤمن قبحه في القبح ، كالاقدام على ما يقطع على ذلك» انتهى.
وفي ظهور كلامه في ما ذكره المصنّف قدسسره نظر ، فانّ غرضه بحسب الظاهر ليس إلّا إبطال الاستدلال بالاحتياط ، للقول بأنّ الأمر للوجوب ببيان مفاسده التي ملخّصها التدين والقول على الله بغير علم ، وهو ضدّ الاحتياط كما هو واضح ، لا أنّ الاحتياط في المأمور به من حيث هو مستلزم لهذه المفاسد ، كي يظهر منه نفي
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١٦ سطر ٢٣ ، ١ / ٧٦.