والمرحلة الثانية : مرحلة البحث الاجتهادي (بحث الخارج) حيث تطرح آراء الشيخ وأقواله على مشرحة البحث والتدقيق ، ويناقش فيهما المجتهد ، فيرفض الدليل المرجوح حسب اجتهاده ورأيه الأصولي ، ويتبنّى الدليل الراجح ويعتمده في استنباطه للأحكام الشرعيّة.
ولعلّ من دواعي سرور المجتهد الشيعي وفخره أن يكون له القدرة على نسف رأي من آراء الشيخ ، أو نقضه أو تعديله وطرح رأي جديد أو معدّل ، أو بناء فكرة متحوّلة وحديثة ، يستفيد منها في إراءة الحلول المناسبة أمام مشاكل المكلّفين في المجتمعات الإسلامية ، وهذا ما لا يناله إلّا الأوحدي من الأصوليين ، حيث نرى أنّ الكتاب منذ بزوغ نوره ، قبل ما يربوا على قرن ونصف قرن ، مطروح على طاولة البحث ، تتلقّفه وتقلّبه أفكار الأصوليين وألسنتهم ، وسيوف أفكارهم الحادّة مسلّطة على الآراء والأفكار والكلمات ، بل وحتّى الحروف المطروحة في الكتاب ، فينبشون في كلّ زاوية منه لعلّهم يجدون منفذا ومدخلا لنقضه وردّه ، لكن برغم ذلك بقى الكتاب شامخا يروى ويشبع ظمأ الساعين نحو امتلاك ناصية المسائل الأصوليّة وقواعدها ، وبقى المؤلّف رحمهالله طودا شامخا وعلما نيّرا ومؤسّسا للمدرسة الأصوليّة المعاصرة عند الإماميّة ، حيث لا يتردّد فقيه وأصوليّ من الإماميّة أن يعتبره رحمهالله معمار هذه المدرسة ومهندسها ، فقد بنى هذه المدرسة ورصّن قواعدها وأسسها على أنقاض المدارس الأصوليّة السابقة ، التي انهارت أركانها تدريجا بظهور مدرسة الشيخ وانتشار أفكاره. يقول الشيخ آقا بزرگ الطهراني رحمهالله في وصفه لهذا الكتاب :
«فرائد الأصول : المشهور بالرسائل للشيخ مرتضى الأنصاري المتوفّى ١٢٨١ ه ، وهو مشهور متداول لم يكتب مثله في الأواخر والأوائل ، محتو على خمسة رسائل في القطع والظنّ والبراءة والاستصحاب والتعادل ، أسّس في هذه