الإغماض عن مخالفة الواقع أحيانا ـ الذي هو من لوازم حجّية الخبر ـ قبيحا في الأخير دون الأوّل.
ثمّ ، لو فرض مساواة الخبرين من جميع الجهات ، ولو بالنسبة إلى شخص خاص ، ـ بأن لم يكن احتمال مخالفته للواقع إلّا كاخباره عن النبي صلىاللهعليهوآله ـ لم يكن تصديقه مستلزما لأمر قبيح زائدا على ما يستلزمه الأخبار عن النبي صلىاللهعليهوآله ، كما إذا فرض التعبّد بتصديقه في بعض فروع الدين من حيث هو ، من دون أن يجب الإذعان بنبوّته أو غيرها ممّا هو من لوازم صدقه في الواقع ، ممّا يترتّب عليه مفاسد لا يترتّب على الأخبار عن النبيّ صلىاللهعليهوآله فتمنع استحالته عقلا ، إلّا أنّه غير واقع ، حيث أنّ وقوعه يتوقّف على دليل قطعي كاخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله بوجوب تصديقه تعبّدا فيما يخبر عن الله تعالى بدعوى الإلهام أو الوحي ، من غير أن يخبر بصدقه في الواقع ، فيجب حينئذ تصديقه ولو لم يحصل للمكلّف الجزم بصدقه ، ولا يكفي في إثبات ذلك أدلّة حجّية خبر الثقة ، لا لمجرّد الإجماع على اختصاصها بما عدى هذا الخبر ، أو ظهورها في الخبر الحسّي بل للقطع بعدم إرادته منها ، فضلا عن انصرافها عنه.
قوله قدسسره : واستدلّ المشهور ... الخ (١).
أقول : لا يخفى أنّ دعوى القطع بالمدّعي خارجة عن طريقة الاستدلال ، لما عرفت فيما سبق من أنّ الدليل ما يقع وسطا لإثبات أحكام المتعلّق ، ولا يقع القطع وسطا ، فلا يكون دليلا مع أنّ هذه الدعوى غير مجدية إلّا لمدّعيها.
فتقريب الاستدلال المشهور : إنّ ما لا يكون بذاته محالا كاجتماع النقيضين ، ولا
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٤ سطر ٢٢ ، ١ / ١٠٦.