مستلزما لأمر محال ، فهو ممكن الوجود ، والتعبّد بالظنّ ليس محالا بذاته في حدّ ذاته ، ولا مستلزما لأمر محال ، فيجب أن يكون ممكنا.
أمّا المقدّمة الاولى ـ أعني عدم كونه في حدّ ذاته محالا ـ كالمقدّمة الثالثة ـ أعني ما ليس ممتنعا فهو ممكن ، فهو من الضروريات ـ لا يحتاج إثباتها إلى وسط.
وامّا انّه لا يستلزم محالا ، فثبوته يتوقّف على الإحاطة بجميع جهاته التي يمكن أن تكون مؤثّرة في قبحه ، ككونه مؤدّيا إلى مخالفة الواقع ، ومستلزما لاجتماع حكمين متضادين في موضوع واحد على تقدير المخالفة ، واجتماع المحبوبيّة والمبغوضية ، والتكليف بما لا يطاق ، إلى غير ذلك من الجهات التي يمكن كونها مؤثّرة في قبحه ، فلا بدّ من الإحاطة بها ، والعلم بعدم تأثيرها في القبح ، والقطع بأنّه ليس فيه جهة اخرى مقبحة غير ما أدركه المستدلّ بعقله ، ولا يخفى أنّ حصول القطع بانحصار الجهات فيما أدركه العقل بعيد ، لكونه كالشهادة على النفي ، ولذا أنكر المصنّف قدسسره حصول القطع فيما نحن فيه.
ولا يقاس ما نحن فيه بالمستقلّات العقليّة ، كحسن الاحسان وقبح الظلم ، حيث أنّ العقل يحكم بأنّه ليس في الأوّل جهة مقبّحة ، ولا في الثاني من جهة محسنة أصلا ، لأنّ حكم العقل في الأحكام المستقلّة إنّما هو على الموضوع الذي أحاط به بجميع جهاته ، بحيث جعل الجهات المغفولة عنوانا لتشخيص المعنون ، فليس المعنون وراء ما يصدق عليه العناوين المعقولة.
نعم ، حكم العقل على مصاديق تلك العناوين المعقولة ، كحكمه على الضّرب الشّخصي الصادر من زيد بأنّه قبيح مطلقا ، موقوف على إحراز أنّه ليس فيه جهة محسّنة يخرج بسببها عن كونه ظلما ، فيكون نظير ما نحن فيه.
كما أنّ حكم العقل بوجوب سلوك الطريق الظنّي حال الانسداد ، لكونه أقرب إلى الواقع من غيره ، من قبيل الأوّل ، أعني الاحكام المستقلّة التي تكون الجهة