قوله قدسسره : إلّا أنّ العمل على طبق تلك الأمارة ... الخ (١).
أقول : يعني أنّ المصلحة إنّما هي في نصب الطريق ، وتنزيل شيء منزلة العلم ، كالتسهيل على المكلّف ونحوه ، من غير أن يكون له دخل في حسن متعلّقه ، كنفس العلم الذي هو طريق عقليّ ، وبهذه التقرير لا يبقى مجال لتوهّم رجوع هذا الوجه إلى الوجه الثاني كما لا يخفى.
قوله قدسسره : فقد يشكل الفرق بينه وبين القول بالتّصويب (٢).
أقول : هذا إنّما هو في بادئ الرأي ، وإلّا فالقول بالأجزاء يناقض التصويب كما سيشير إليه المصنّف قدسسره ، لأنّ القائل بالأجزاء ملتزم بكون الواقع باقيا على وجوبه ، ولكن يزعم أنّ ما أدّى إليه نظر المكلّف ، بالنظر إلى الأدلّة الشرعيّة ، أو بحسب اعتقاده أيضا ، يقوم مقام الواقع في إسقاط ذلك التكليف ، بمعنى أنّ الشارع يقبله بدلا عن الواقع ، إمّا تفضّلا أو لكون اعتقاده أو قيام الطريق عليه من الجهات الموجبة لإفادته فائدة المأمور به ، فيسقط أوامرها بفعل ما أدّى إليه نظره لحصول الغرض ، فأين هذا من التّصويب الذي هو عبارة عن تبدّل أمره الواقعي بالأمر الظاهري.
والحاصل : إنّه فرق بين تبدّل الأمر الواقعي بالظاهري بواسطة الجهة العارضة ، وبين اقتضاء الجهات المعارضة قيام هذا الشيء مقام الواقع في إسقاط طلبه ، فعلى الأوّل لو أتى بالواقع لا يجديه في إسقاط ما هو واجب عليه بالفعل ، بخلاف الثاني ، وعلى الثاني لو ترك الواقع ، ولم يمتثل الأمر الظاهري أيضا ، لكانت ذمّته مشغولة بالواقع ، وعلى الأوّل لا واقع أمر ما كان مكلّفا به في الظاهر.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٧ سطر ١٨ ، ١ / ١١٤. وفي الأصل : (إلّا أنّ الأمر بالعمل ...).
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٩ سطر ٦ ، ١ / ١١٩.