ما جرت خطرة على القلب منّي |
|
منك إلّا استترت من أصحابي |
بدموع تجري وإن كنت وحدي |
|
خاليا أتبع الدّموع انتحابي |
أنت همّي ومنيتي وهواي |
|
ورجائي وغايتي وارتقابي |
قال : فتصوّب الحلق يستمنعون إليه فأقبل عليهم وقال : هذا يقوله مخلوق لمخلوق وتدعون الخيرات الحسان المقصورات في الخيام.
وقال بشر بن أبي قبيصة : قلنا لأبي همّام ـ وقد كان غلب على عقله ـ تأمر في ميراثك عن أبيك؟ فأقبل علينا مغضبا وقال : يا بشر! أو يتوارث أهل ملّتين؟ قلت : ونحن أهل ملّتين؟ قال : نعم ، أنتم تزعمون أن الله قضى الخير ولم يقض الشرّ ، وأنا أزعم أن الله قضى الخير والشرّ ، وأن من عذّبه الله عذّبه غير ظالم له ، ومن رحمه فرحمته وسعت كلّ شيء.
وقال عبد الله بن إدريس : مررت بابن أبي مالك وكان معتوها ذاهب العقل لا يتكلّم حتى يكلّم ، فإذا كلّم أجاب جوابا معجبا ، فقلت : يا ابن أبي مالك ما تقول في النبيذ؟ قال : حلال. قلت : أتشربه؟ قال : إن شربته فقد شربه وكيع وهو قدوة. قلت : تقتدي بوكيع في تحليله ولا تقتدي بي في تحريمه وأنا أسنّ منه؟ قال : قول وكيع مع اتّفاق أهل البلد معه أحبّ إليّ من مقالتك مع خلاف أهل البلد عليك. وقال عبد الله بن إدريس : مررت بابن أبي مالك فناديته فقال : ما تشاء؟ قلت : متى تقوم الساعة؟ قال : ما المسؤول بأعلم من السائل ، غير أن من مات فقد قامت قيامته ، والموت أوّل عدل الآخرة. قلت : فالمصلوب يعذّب؟ قال : إن كان مستحقّا فإن روحه يعذّب وما أدري لعلّ هذا البدن في عذاب من عذاب الله لا تدركه عقولنا وأبصارنا ، فإن لله لطفا لا يدرك.
وكان جالسا في موضع قد كان فيه رماد ومعه قطعة جصّ فكان يخطّ به فيستبين بياض الجصّ في سواد الرماد ، فتبسّم فقلت له : أيّ شيء تصنع؟ قال : ما كان يصنع صاحبنا مجنون بني عامر. قلت : وما كان يصنع؟ قال : أو ما سمعته يقول :