قال : وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : البركة عشر بركات ، في مصر تسع بركات وفي الأرضين بركة واحدة. والشرّ عشرة أجزاء ، بمصر جزء واحد ، وفي الأرض كلّها تسعة أجزاء وأما معنى قولهم : عمر مصّر الأمصار فإنه لم يحدث إلّا البصرة والكوفة ، وقد تفعل العرب هذا فتسمّي الاثنين باسم الجميع ، وقال الحسن : مصّر عمر سبعة أمصار : المدينة ، والبحرين ، والبصرة ، والكوفة ، والجزيرة ، والشام ، ومصر. وقال أبو الخطّاب : لم يذكر الله جلّ وعزّ شيئا من البلدان باسمه في القرآن ما ذكر مصر حين قال : (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ) وقال عزّ وجلّ : (اهْبِطُوا مِصْراً) ، (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً) وكنّاها فقال عزّ وجلّ : (وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ) وسمّاها الله عزّ وجلّ الأرض فقال : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها) الآية وسمّى الله جلّ وعزّ ملكها العزيز فقال : (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) وقال : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) وأخبرني شيخ من آل أبي طالب قال : رأيت بمنف من كور مصر دار فرعون ، ودرت في مجالسه ، ومشارفه وغرفه وصفافه فإذا كلّه حجر واحد منقور ، فإن كانوا لا حكوا بينه حتى صار في الملامسة لا يستبين فيه مجمع حجرين ، ولا ملتقى صخرتين ، فهذا عجب ، وإن كان حجرا واحدا فنقرته الرجال بالمناقير حتى تخرّقت فيه تلك المخارق إن هذا لأعجب ، والنيل قد سمّاه الله بحرا قال الله : (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ) واليمّ هاهنا النيل ، وهي ذات عيون سفّاحة.
ومن مفاخر أهل مصر مارية القبطيّة أمّ إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وتزوّج خمس عشرة امرأة ، وتوفيّ (صلى الله عليه وسلم) عن تسع ، وحرّم الله جلّ وعزّ مارية على الرجال بعد أن ولدت إبراهيم من بعد وفاة النبيّ (عليه السلام) كما حرّم سائر نسائه. من مفاخر مصر هاجر أمّ إسماعيل (صلى الله عليه وسلم) الصادق الوعد. وقال النبيّ (صلى الله عليه وسلم) : «إذا استفتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا ، فإني لهم صهر». وقالوا : لو عاش إبراهيم ما ملكت قبطيّة أبدا. قالوا : وأرض مصر محدودة في الكتاب. إنها مسيرة أربعين ليلة في مثلها ، وأرض السودان مسيرة سبع سنين ، فما فضل عنهم من مائها صار