إبراهيم بن الأغلب عامله على إفريقية ، فخرج حتى وصل إلى وليلة ، وذكر أنه متطبّب وأنه من أوليائهم ، فاطمأنّ إليه إدريس وأنس به ، فشكا إليه إدريس علّة في أسنانه ، فأعطاه سنونا مسموما ليلا ، وأمره أن يستنّ به عند طلوع الفجر ، وهرب من الليل ، فلمّا طلع الفجر استنّ إدريس بالسنون فقتله وطلب الشمّاخ فلم يظفر به ، وقدم على إبراهيم بن الأغلب فأخبره بما كان منه ، ولحقت الأخبار بعد مقدمه بموته فكتب بذلك إلى الرشيد فولّى الشمّاخ بريد مصر ، ثم ملك من بعد إدريس ابنه ، وإلى هذه الغاية هي ثابتة في ولده.
وفي يدي محمّد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أميّة ما وراء بحر الأندلس ، وفي يديه قرطبة وبينها وبين الساحل مسيرة خمس ليال ، ومن ساحل قرطبة إلى أربونة آخر الأندلس ممّا يلي فرنجة ألف ميل ، وطليطلة وبها كان ينزل الملك ، ومن طليطلة إلى قرطبة عشرون ليلة ، وللأندلس أربعون مدينة ، ويجاور الأندلس فرنجة وما والاها من بلاد الشرك ، والأندلس مسيرة أكثر من شهر في شهر ، وهي خصبة كثيرة الخير والفواكه وممّا يلي الشمال والروم فرنجة ، والأندلس افتتحها طارق بن زياد وموسى بن نصير ، فأصاب بها مائدة سليمان (عليه السلام) فيها جواهر لم ير خلق مثلها فقطع طارق قائمة من قوائم المائدة وصيّر مكانها أخرى لا تشبهها ، فلمّا قدموا بها على الوليد بن عبد الملك وكان موسى وجّهها إليه فقال طارق : أنا أصبتها فكذّبه موسى فقال طارق للوليد : ادع بالمائدة فنظر إلى قائمته فإذا هي لا تشبه القوائم ، فقال طارق : سله عنها ، فسأله فقال : كذا أصبتها فأخرج طارق إليه القائمة فصدّقه الوليد وقوّمت المائدة مائتي ألف دينار.
ومن العجائب بيتان وجدا بالأندلس عند فتحها في مدينة الملوك ، في أحدهما عدد تيجان لملوكها ، وفي هذا البيت وجد مائدة سليمان بن داود (عليه السلام) ، وعلى البيت الآخر أربعة وعشرون قفلا ، كلّما ملك منهم ملك زاد عليه قفلا ، ولا يدرون ما في البيت حتى ملك لدريق ، وهو آخر ملوكهم فقال : لا بدّ أن أعرف ما في هذا البيت ، وتوهّم أن فيه مالا ، فاجتمعت الأساقفة والشمامسة