والدليل على بيان ذلك أن السنة ثلاثمائة وستون يوما. فإذا ضربناها في خمسين ألف سنة ، كان مبلغها ثمانية عشر ألف ألف يوم وهو مبلغ أيام خمسين ألف سنة. ثم أردنا أن نضرب عدد هذه الأيام التي هي ثمانية عشر ألف ألف يوم في الخمسمائة دينار التي ذكرنا البيع بها في كل يوم. فبسطنا غزبها (١) ليكون أظهر عند السامعين. فضربناها في خمسة أصلا ، فكان مبلغه تسعين (٢) ألف ألف. ثم ضربنا ذلك في مائة. فكان مبلغه تسعة ألف ألف ألف. ثم ضربنا ذلك في ألف فكان مبلغه تسعة ألف ألف ألف ألف. فهو مبلغ ما ذكرنا من جملة ثمن ما اجتمع لنا من تضاعيف حبات الحنطة بالسعر المفروض وهو ثلاثمائة ألف ألف ألف كرّ ، غير ما استبطنّا من الزيادة وهو سبعة ألف ألف ألف كرّ وما زاد.
فإن الذي بلغك الإقرار بأن الحبة الواحدة من الحنطة تبلغ بتضاعيفها في أعداد بيوت الشطرنج حتى يكون مبلغها ثلاثمائة ألف ألف ألف كرّ وسبعة ألف ألف ألف وما زاد ، وإنها قوت لستين ألف ألف إنسان خمسين ألف سنة بعد الإنكار هو الذي يبلغك الإقرار بغرائب بغداد وبدائع مدينة السلام. وإنما تجشمنا ذكر ذلك لتعلموا أن كثيرا من الأمور تستبعد في الظنون وتستنكر في الأوهام والعقول لو لا الاعتداد بأصولها والاتكال على تفصيلها.
وقال أبو بكر بن عياش وذكر بغداد : هي اليوم مصر العرب.
وكان بعضهم يقول : بغداد دار دنيا وآخرة.
وتقدير الجوالي ببغداد مائة ألف وثلاثون ألف. وتقدير الادخار. [٦٨ أ] ودور الضرب في كل سنة من الورق ألف ألف وخمسمائة ألف درهم.
قال : ومن عجائب بغداد الدارش واللكا (٣). فالدارش يتخذ من جانب
__________________
(١) كذا في الأصل.
(٢) في الأصل : تسعون.
(٣) في لسان العرب (الدارش : جلد أسود) وفي مادة (لكك) (اللّكّاء : الجلود المصبوغة بالّك ، وهو صبغ أحمر. قال الراعي النميري يصف رقم هوادج الأعراب :
بأحمر من لكّ العراق وأصفرا)