وقال الهذيل بن بلال عن عطاء. قال خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه [٦٨ ب] متوجها إلى الشام فنزل بقرية يقال لها قطربل ذات نخل وبساتين ، فسأل رجلا من أهلها ، فقال : ما اسم هذه القرية؟ قال : قطربل. فقال علي عليه السلام لأصحابه : أرحلوا. وسار عنها فزعا حتى نزل السيلحين وقال لأصحابه : ضعوا أسلحتكم وأمتعتكم فقد نجوتم من البلاد إن شاء الله. ثم أنشأ يحدثنا عنها فقال : يا لها قرية ما يجمع الله فيها وعلى ما يقترفون. ثم حانت منه نظرة إلى قرية فيها تلّ عظيم فقال : والذي نفسي في يده لتكونن تحت هذا التل وقعة صلحية يتحدث عنها كل ناج من القتل. آية ذلك إذا شققت فيها الأنهار وبنيت القصور وسندت الدور وكثر الفجور ، ولم يتناه أهلها عن منكر. فهنالك تحل بهم البلية لما ارتكبوا من الخطيّة.
وقال أبو صالح الباهلي : قال لي شيخ من أهل الكتاب في أيام مروان بن محمد : هذا أوان ذهاب ملك بني أمية. قلت : وما آية ذلك؟ قال : تظهر رايات السود من خراسان فتطوي ملك بني أمية طيا. فلم نلبث إلّا قليلا حتى ظهر أبو مسلم وكان من أمر واحده الدولة ما كان. ثم لقيت ذلك الرجل في وسط أيام أبي مسلم. فقلت : قد صح ما قلت ، فأين تكون دار المملكة؟ قال : أرض يقال لها بغداد. تجسّر بها الجسور ويكثر أهلها وتجتمع إليها الأموال.
وخطب أمير المؤمنين رضي الله عنه بالكوفة فقال في خطبة : يا أهل الكوفة! أنتم اليوم بخير. فكيف بكم إذا حشرتم ذات نخل وكرم يجتمع إليها كل برّ وفاجر يقال [لها] بغداد ، باغية طاغية. يلي بناءها رجل من ولد بني العباس رخص الشعر يقال له عبد الله تكون خلافته زمانا (١). ثم ذكر فيها شيئا ، قال : ويخرج رجل لو شئت لأنبأتكم باسمه واسم أبيه. فإذا خرج ذلك الرجل فقل لبني العباس فليلحقوا بوادي القرى كما كانوا قديما.
وقال إسماعيل بن إبراهيم عن إبراهيم بن بشير قال : انصرفنا بعض الصوائف
__________________
(١) في الأصل : يقال له عبد الله يكون خلافته رخص الشعر زمانا.