من بعد ما كان أبرويز أشحنها |
|
بالدارعين وكتّاب الدواوين |
وكلّ ليث شجاع باسل بطل |
|
كمثل خرّيتها أو مثل شروين |
وكلّ رعبوبة بيضاء بهكنة |
|
تحكي بنغمتها صوت الوراشين |
وبالعجائب من ألوان زهرتها |
|
من بين ورد وخيريّ ونسرين |
لم يبق من رسمها إلّا تلؤلؤها |
|
أو ربع دار عفت من طور عبدين |
سبحان من خلق الدنيا ودبّرها |
|
وأنشأ الخلق من ماء ومن طين |
ومرّ معاوية بوادي القرى فتلا هذه الآية (أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) ثم قال : نزلت هذه الآية في أهل هذه البلدة وهي بلاد عاد ، فأين العيون؟ فجاءنا رجل وقال : صدق الله في قوله. أتحب أن أستخرج العيون؟ قال نعم. فاستخرج ثمانين عينا. وعرف معاوية ذلك فقال : الله أصدق من معاوية.
وقال محمد بن عيينة المهلبي : البئر التي بالماوية هي بئر عاد ، لا يقل ماؤها ولو وردها سائر أهل الأرض. وإياها عني أبو النجم العجلي بقوله :
من نحت عاد في الزمان الأوليّ
وذكر الكلبي قال : بينا قوم من كلب يعرفون ببني عمد الله بن كنانه على ما لهم وقد نحروا جزورا ومعهم زهير بن جناب الكلبي ، إذ أقبل رجل من بقايا عاد يقال له عبيد بن مسهر وكان أعظم الناس جسما حتى وقف عليهم فهالهم لمّا نظروا إليه. فقالوا : دونك الركاء فشرب جميعه. ثم وقع نائما. فأقام في نومه سبعة أيام ، وهرب القوم فزعا وقد ثبت زهير ، فلما استيقظ قال : أين قومك؟ قلت : هربوا من رهبتك. فقال : أما لينفعنك ذلك. قم اركب معي. فركب معه فدلّه على مياه كانت لعاد مندفنة ، ولم يكن أحد يعرفها غيره. منها الدمقانة (١) وأثرى ونكب ورج والحالة وغير ذلك. ثم قال عبيد لزهير : أخبرني عن ريحكم. قال : زفزف تسقط
__________________
(١) في ياقوت الدمعانة.