اللبن يريد أم العسل أم الماء. فقيل له : أي الأشربة تريد؟ فقال : أعزّها مفقودا وأهونها موجودا. فقال قتيبة : اسقوه ماء.
وكان أبو العتاهية عند بعض الملوك فشرب منهم رجل ماء وقال :
برد الماء وطابا
فقال أبو العتاهية :
حبّذا الماء شرابا
وقال الله عزّ وجلّ مفخما لأمر الماء (أَنْهارٌ) [١١٣ ب](مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ). ألا ترى أنه لم يذكره بغير السلامة من التغيير ، إذ كان [الماء] متى كان خالصا لم يحتج أن يشرب بشيء. غريب في خلقته من الصفاء والعذوبة والبرد والطيب والحسن. قال عدي بن زيد :
لو بغير الماء حلقي شرق |
|
كنت كالغصّان بالماء اعتصاري |
وفي قول الله عزّ وجلّ (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قال : عن الماء البارد في الصيف وعن الحار في الشتاء.
وقالوا في النظر إلى الماء الدائم والجاري ما قالوا.
وجاء في الأثر : من كان به مرض فليأخذ درهما حلالا وليشتر عسلا ثم ليشربه بماء السماء ، فإنه يبرأ بإذن الله.
والريف هو الماء عند العرب.
وما ظنك بشراب إذا ملح وخبث (١) أثمر العنبر وولد الدر ، وإذا صفا وطاب أحيا الأنفس. وقال الله عزّ وجلّ (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ. فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها). لأن الزجاج أكثر ما يخرج به أن يقال كأنه الماء الجاري.
__________________
ـ ١٤٨. وبيت القطامي المذكور آنفا هو أيضا من الحيوان. وما بين عضادتين في هذه المادة هو تصويبات أو إضافات من كتاب الجاحظ وضعناها في حالة الضرورة فقط.
(١) في الأصل : خشب.