يرعم (١). فرفع يده ووجأه فقال : لا والذي جلّ وعلا ، ما رأيت عضوا أنتن منك. إذا جمد كل شيء فأنت تذوب ، وإذا ذاب كل شيء فأنت تجمد. أبيت إلّا خلافا.
وقال شاعركم وهو أحمد بن بشار (٢).
لقد أتى همذان البرد فانطلق (٣) |
|
وارحل على شعب شمل غير متفق |
بئس اعتياض الفتى أرض الجبال له |
|
من العراق وباب الرزق لم يضق |
أما الملوك فقد أودت سراتهم |
|
والغابرون بها في شيمة السوق |
ولا مقام على عيش ترنّقه |
|
أيدي الخطوب وشرّ العيش ذو الرنق |
قد كنت أذكر شيئا من محاسنها |
|
أيام لي فنن كاس من الورق |
فاليوم لا بدّ من نعتي مساوئها |
|
كما يغصّ بها الثاوي على شرق |
لا خير فيها ولا في أن تقيم بها |
|
ولا تقلبت بين التبر والورق |
أرض يعذب أهلوها ثمانية |
|
من الشهور كما عذّبت بالرهق |
تبلى حياتك ما تمنى بنافعة |
|
إلّا كما انتفع المجروض بالرمق |
فإن رضيت بثلث العمر فارض به |
|
على شرائط من يقنع بها يبق |
إذا زوى البقل هاجت في بلادهم |
|
من جربيائهم نشّافة العرق |
تبشّر الناس بالبلوى وتنذرهم |
|
ما لا يداوى بلبس الدرع والدرق |
تلفّهم في عجاج لا تقوم لها |
|
قوائم الفيل قبل المأقط الشبق |
لا يملك المرء فيها كور عمّته |
|
حتى تطيّرها من فرط مخترق |
فإن تكلّم لاقته بمسكنة |
|
ملء الخياشيم والأفواه والحدق |
فعندها ذهبت ألوانهم جزعا |
|
واستقبلوا الجمع واستولوا على العلق |
حتى تفاجئهم شهباء معضلة |
|
تستوعب الناس في سربالها اليقق |
__________________
(١) يرعم : يسيل المخاط منه (اللسان).
(٢) لدى ياقوت وآثار البلاد جاء مرة أحمد وأخرى محمد.
(٣) في الأصل : لقد آن من همذان السير فانطلق. وما ذكرناه هو من آثار البلاد ص ٤٨٥ أوفق.