حتى وقف عليه وأمر بنقضه وحمله إلى مدينة السلام.
وكان أرمائيل نازلا في قصوره وأبنيته التي بناها فإذا جاءوه بالأسارى من الآفاق ليذبحهم ويأخذ أدمغتهم فيغذي الحيتين ، أعتق في كل يوم أسيرا وذبح مكانه كبشا وخلط دماغه بدماغ المقتول وغذا به الحيتين أعواما كثيرة. ثم بدا له في الذبح فكان إذا جاءوه بالأسارى أعتقهم وأسكنهم الجبل الغربي من قرية ميندان (١).
فبقي على ذلك من حاله ثلاثين عاما يعتق في كل عام سبعمائة وثلاثين إنسانا ـ وقرية ميندان على جبلين بينهما واد فيه ماء عذب غزير لا ينقطع شتاء ولا صيفا ، وعلى حافتي الوادي عيون تنصب إليه وشجر مثمر ـ فكان كلما أعتق أسيرا أعطاه دارا وأسكنه الجبل الغربي وأمره أن يزرع لنفسه ما يريد ويبني ما يشاء. فكانوا يفعلون ذلك. وقيض الله لأرمائيل مطلسما ألمّ به فقال : أنا اطلسم الطعام الذي يتغدى به هذا الملعون فيكون يتغلغل في جوفه ويرتفع [١٤٣ ب] إلى صدره ويجري في لهواته فيشبع منه ولا يحتاج إلى غيره أبدا ويجازيك الملك على ذلك. ما الذي تجازيني عليه؟ قال : سل ما أحببت. قال : إذا أتتك رئاسة الناحية أشركتني فيها معك وفي نعمتك وعقدت بيننا قرابة لا تنقطع. فضمن أرمائيل له ذلك وطلسم مأكول الملعون ومشروبه في جوفه ، فهو يتغلغل في صدره إلى بلوغ مدة [أيامه](٢).
فلما كان بعد ثلاثين حولا من مملكة أفريذون أنفذ إلى أرمائيل رسولا يأتيه بخبر البيوراسف. فلما وافاه أنزله. أرمائيل معه في قصره. فسأله الرسول عما صنع فأخبره خبر المعتقين من الذبح وإنزاله إياهم الجبل الغربي. ولمّا أمسى أمر المعتقين أن يوقد كل واحد منهم على باب الموضع الذي هو فيه نارا ففعلوا. فقال الرسول : ما هذا؟ قال : هؤلاء المعتقون من الذبح. فقال الرسول بالفارسية : وس
__________________
(١) هذه الوقائع وما يليها ذات صلة بأسطورة الملك الظالم بيوراسف أو الضحاك وهي من القصص التي رواها الفردوسي في الشاهنامه (١ : ٣٠ ـ ٣٧) ولا تختلف عما هي عليه هنا إلّا في بعض التفصيلات.
(٢) من المختصر.