قال ثمامة : وصفت (١) أبا الهذيل للمأمون فلما دخل عليه جعل المأمون يقول لي : يا أبا معن ، وابو (٢) الهذيل يقول لي (٣) : يا ثمامة فكدت اتّقد غيظا ، فلما احتفل المجلس استشهد في عرض كلامه بسبع مائة بيت فقلت : ان شئت فكنّني وان شئت فسمّني.
وحكى يحيى بن بشر (٤) الارجاني عن النظّام قال : ما اشفقت على ابي الهذيل قطّ في استشهاد (٥) شعر الا يوم قال له الملقّب ببرغوث : اسألك عن مسئلة؟ فرفع ابو الهذيل نفسه عن مكالمته فقال برغوث (من الوافر) :
وما بقيا عليّ تركتماني |
|
ولكن خفتما صرد (٦) النبال |
(١٣) ولم اعرف في نقيضه بيتا يتمثّل به ، فبرز ابو الهذيل وقال : لا بل كما قال الشاعر (من الطويل) :
وأرفع (٧) نفسي عن بجيلة أنّني |
|
أذلّ بها عند الكلام وتشرف (٨) |
وناظر صالح بن عبد القدوس لما قال في العالم انه من اصلين قديمين نور (١٤) وظلمة كانا متباينين (٩) فامتزجا ، فقال ابو الهذيل : فامتزاجهما هو هما أم (١٠) غيرهما؟ قال : بل اقول هو هما ، فألزمه (١١) ان يكونا ممتزجين متباينين اذا لم يكن هناك معنى غيرهما ولم يرجع ذلك الا إليهما (١٢) ، فانقطع وانشأ يقول (من البسيط) :
__________________
(١) وصفت ب ج س م : وصف ل
(٢) وابو ب ج س م : وأبا ل
(٣) لي ج م : ـ ب س ل
(٤) يحيى بن بشر ب س ل م : بشر بن يحيى ج
(٥) استشهاد ب ج س ل : استهاد م
(٦) صرد ب ج ل م : صدر س
(٧) وارفع ب ج س ل م : او رفع م
(٨) وتشرف ب س ل م : واشرف ج
(٩) كانا متباينين ب س ل م : ـ ج
(١٠) أم ب س ل م : او ج
(١١) فالزمه ب س ل م : فالتزمه ج
(١٢) الا إليهما ب ج م : الى ايهما س ل
(١٣) البيت للعين المنقري ، راجع تاج العروس ١٠ ص ٤١
(١٤). (١٢ ـ ص ٤٧ س ٤) قال الشريف المرتضى في الغرر والدرر ١ ص ١٤٤ : وروى ان أبا الهذيل ناظره في مسألة مشهورة في الامتزاج الذي ادّعوه بين النور والظلمة فأقام عليه الحجة فانقطع وانشأ يقول : أبا الهذيل ...