قوله : (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : أي عن طريق الله (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) : أي ويدعون الناس إلى الطريق الأعوج ، إلى الشرك ، وطريق الله مستقيم إلى الجنّة ، وهو طريق المؤمنين ، وهو الإسلام ، طريق إلى الجنّة.
قال : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (١٩) : أي يكذّبون بالبعث.
(أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) : أي سابقين في الأرض ، أي : لم يكونوا ليسبقونا حتّى لا نبعثهم ثمّ نعذّبهم.
قوله : (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) : يمنعونهم من عذاب الله. قال : (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) : أي في النار (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) : أي سمع الهدى ، أي : لا يقدرون أن يسمعوه سمع قبول في الدنيا. (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) (٢٠) : أي بصر قبول الهدى. قال بعضهم : هي مثل التي في البقرة : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) [البقرة : ٧] أي : بكفرهم فعل ذلك بهم.
(أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) : فصاروا في النار (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢١) : أي من عبادة الأوثان. ضلّت عنهم فلم تغن عنهم شيئا ؛ كقوله (ضَلُّوا عَنَّا) [غافر : ٧٤].
(لا جَرَمَ) : وهي كلمة وعيد (١) (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (٢٢) : أي خسروا أنفسهم.
ثمّ قال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) : أي اطمأنّوا إلى ربّهم ، أي : خلصت قلوبهم بالإيمان. كقوله : (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل : ١٠٦].
__________________
(١) كذا في المخطوطات الأربع ، وفي ز ، ورقة ١٤٤ ، ولم يفسّر المؤلّف الكلمة ، وهي تفيد التحقيق. قال الفرّاء في معاني القرآن ، ج ٢ ص ٨ : «كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بدّ أنّك قائم ، ولا محالة أنّك ذاهب ، فجرت على ذلك ، وكثر استعمالهم إيّاها ، حتّى صارت بمنزلة حقّا ؛ ألا ترى أنّ العرب تقول : لا جرم لآتينّك ، لا جرم قد أحسنت ، وكذلك فسّرها المفسّرون بمعنى الحقّ ...». وانظر : تفسير الطبريّ ، ج ١٥ ص ٢٨٨.