وقال مجاهد : (أخبتوا) اطمأنّوا. وقال بعضهم : (وأخبتوا) : وأنابوا إلى ربّهم (١). (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ) : أي أهل الجنّة (هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٣) : أي لا يخرجون منها.
قوله : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٢٤) : أي لا يستويان مثلا. أي : فكما لا يستوي عندكم الأعمى والأصمّ والبصير والسميع في الدنيا. فكذلك لا يستويان عند الله في الدين. ومثل الكافر مثل الأعمى والأصمّ ، لأنّه أعمى أصمّ عن الهدى ، والبصير والسميع هو المؤمن ، أبصر الهدى وسمعه فقبله.
قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٢٥) : أي أنذركم عذاب الله في الدنيا والآخرة. (أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ) (٢٦) : أي موجع.
(فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) : أي سفلتنا (بادِيَ الرَّأْيِ) : أي فيما ظهر لنا (وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) : أي في الدين (بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ) (٢٧) : يعنون نوحا ومن آمن معه. (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) : أي بيان من ربّي (وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ) : يعني بالرحمة النبوّة (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) : أن تبصروها بقلوبكم وتقبلوها. (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) (٢٨). وقد علم الله أنّه على بيّنة من ربّه ، وهذا استفهام على معرفة.
(وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) : أي على ما أدعوكم إليه من الهدى (مالاً) فإنّما يحملكم على ترك الهدى المال الذي أسألكموه. (إِنْ أَجرِيَ) : أي ثوابي (إِلَّا عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) : فيحاسبهم بأعمالهم. وقد قال الله في آية
__________________
(١) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٢٨٦ : «(وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) مجازه : أنابوا إلى ربّهم وتضرّعوا إليه وخضعوا وتواضعوا له».