قوله : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) : أي ما وعظوا به ، أي ما نهاهم عنه المؤمنون الذين نهوهم عمّا يصنعون ، أي ذكّروهم الله (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) : قال الحسن : نجت فرقتان وهلكت فرقة ، وهم الذين أخذوا الحيتان. (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ) : قال مجاهد : بعذاب أليم شديد (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (١٦٥).
قوله : (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (١٦٦) : قال مجاهد : إلّا طائفة منهم لم يفعلوا. قال الحسن : (خاسِئِينَ) : صاغرين (١). قال : وهي كقوله : (اخْسَؤُا فِيها) أي اصغروا فيها ، أي في النار (وَلا تُكَلِّمُونِ) (١٠٨) [المؤمنون : ١٠٨]. قال بعضهم : فصاروا قردة تعاوى لها أذناب بعد أن كانوا رجالا ونساء.
ذكروا أنّه دخل على ابن عبّاس ، وبين يديه المصحف ، وهو يبكي ، وقد أتى على هذه الآية : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) فقال : قد علمت أنّ الله أهلك الذين أخذوا الحيتان ، ونجّى الذين نهوهم ، ولا أدري ما صنع بالذين لم ينهوا ولم يواقعوا المعصية (٢).
وقال الحسن : وأيّ نهي أشدّ من أنّهم أثبتوا لهم الوعيد ، وخوّفوهم العذاب فقالوا : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ ، أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً).
قوله : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ) : قال مجاهد : وإذ قال ربّك. وقال الحسن : أعلم ربّك (٣) (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) : أي يذيقهم (٤) سوء
__________________
(١) كذا في المخطوطات الأربع ، وفي ز ، ورقة ١١٢ : «أي مبعدين». وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٢٣١ : «أي قاصين مبعدين. يقال : خسأته عنّي وخسأ هو عنّي».
(٢) اقرأ هذا الخبر الذي رواه عكرمة عن ابن عبّاس بتفصيل أكثر في تفسير الطبري ، ج ١٣ ص ١٨٨ ـ ١٩٠. وفي الدر المنثور ، ج ٣ ص ١٣٧ ـ ١٣٨.
(٣) في المخطوطات الأربع : «شعر» ، وصوابها : «أشعر» ، وأثبتّ ما جاء في ز ، ورقة ١١٢ : «اعلم» ، ومعناهما واحد.
(٤) كذا في المخطوطات : «يذيقهم». وفي ز ورقة ١١٢ : «يولونهم».