قوله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) : يعني أصحاب النبيّ عليهالسلام.
(أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ) : أي بعبادة الله (وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) : أي عن عبادة الأوثان (وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٤١) : أي إليه تصير الأمور. كقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) (٤٠) [مريم : ٤٠].
قوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ) : يعني الذين بعث الله إليهم شعيبا. قال : (وَكُذِّبَ مُوسى) : أي كذّبه فرعون وقومه (فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ) والذين كفروا يعني جميع هؤلاء لم أهلكهم عند تكذيبهم رسلهم ، حتّى جاء الوقت الذي أردت أن أهلكهم فيه. (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) : أي بالعذاب حين جاء الوقت (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٤٤) : أي عقابي ، أي كان شديدا. يحذّر بذلك المشركين.
قوله : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) : أي فكم من قرية (أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ) : يعني أهلكنا أهلها. (فَهِيَ خاوِيَةٌ) : أي فالقرية خاوية ليس فيها أحد ، قد هلك أهلها ، فهي خاوية (عَلى عُرُوشِها) : أي على بنيانها. وبعضهم يقول : العروش السقوف ، صار أعلاها أسفلها (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) : أي باد أهلها فعطّلت (وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) (٤٥) : أي مبنيّ معطّل. [معطوف] (١) على قوله : (مُعَطَّلَةٍ). وقال الكلبيّ : المشيد الحصين(٢).
قوله : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) : يعني المشركين (فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) : أي لو ساروا وتفكّروا لعاينوا ما نزل بإخوانهم من الكفّار فيتوبون لو
__________________
(١) زيادة لا بدّ منها للإيضاح.
(٢) كذا قال الكلبيّ. وما ذكره أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٥٣ أوفى شرحا وأدقّ تعبيرا. قال : «(وقصر مّشيد) مجازه مجاز مفعول من «شدت تشيد» أي : زيّنته بالشّيد ، وهو الجصّ والجيّار والملاط. الجيّار الصاروج ، وهو الكلس. وقال عديّ بن زيد العبادي :
شاده مرمرا وجلّله كل |
|
سا فلطّير في ذراه وكور |
وهو الكلس. وقال :
حيّة الماء بين الطّيّ والشّيد
وانظر اللسان : (شيد) فقد أورد فيه ابن منظور تحقيقا لغويّا مفيدا.