قوله تعالى : (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) (٢٧) : أي أتيت شيئا عظيما.
(يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) : أي رجل سوء ، يعني ما كان أبوك زانيا. (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (٢٨) : أي ما كانت أمّك زانية.
قال بعضهم : ليس بهرون أخي موسى ، ولكنّه هرون آخر كان يسمى هرون الصالح المحبّب في عشيرته (١). ذكر لنا أنّه اتّبع جنازته يوم مات أربعون ألفا ، كلّهم يسمّى هرون من بني إسرائيل. أي : فقالوا لها : يا شبيهة هرون في عبادته وفضله (ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت امّك بغيّا).
قوله : (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) : أي بيدها. قال بعضهم : أي أمرتهم بكلامه. (قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ) : أي من هو (فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) (٢٩) : قال بعضهم : المهد هو الحجر (٢).
(قالَ) عيسى (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) : قال بعضهم : جعلني معلّما ومؤدّبا.
ولا أحد أيمن ولا أعظم بركة من المعلّم المؤدّب ، الفقيه العالم ؛ يعلّم الناس الحكمة ، ويؤدّبهم عليها ، ويفقّههم فيها ؛ فمقامه مقام الأنبياء ، وحقّه حقّ الأصفياء ، وما يفضلهم الأنبياء إلّا بالرسالة (٣).
__________________
ـ واضحا. وأوضح منهما ما جاء في تفسير الطبريّ ، ج ١٦ ص ٧٥ منسوبا إلى قتادة في قوله : (إنّي نذرت للرّحمن صوما) قال : «في بعض الحروف : صمتا. وذلك أنّك لا تلقى امرأة جاهلة تقول : نذرت كما نذرت مريم ألّا تكلّم يوما إلى الليل. وإنّما جعل الله تلك آية لمريم ولابنها. ولا يحلّ لأحد أن ينذر صمت يوم إلى الليل».
(١) كذا في سع ، وفي ب وع : «المصلح المخبت في عشيرته».
(٢) قال الفرّاء في المعاني ج ٢ ص ١٦٧ : «ويقال : إنّ المهد حجرها وحجرها ، ويقال : سريره ، والحجر أجود».
(٣) هذه الفقرة من زيادات الشيخ هود الهوّاريّ ؛ وهذا كلام عالم مجرّب عارف بمقام العلماء المتّقين المخلصين الذين هم بحقّ ورثة الأنبياء. فتأمّل كلامه فإنّه نفيس. عسى الله أن ينفعنا به وإيّاك ، ويفقّهنا في ديننا ، ويوفّقنا إلى العمل بما في كتابه ، وسنّة نبيّه عليهالسلام ، لإعلاء كلمة الله ، ونشر دينه ، وتعليم الناس الخير.