(وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي) : أي وجعلني برّا بوالدتي. (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً) : أي مستكبرا عن عبادة الله (١) ، ولم يجعلني (شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا). (٣٣) ولم يتكلّم بعد ذلك بشيء حتّى بلغ مبلغ الرجال.
قال الله تعالى : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ) : قال الحسن : الحقّ هو الله (٢) ؛ وهو قوله : (قَوْلُهُ الْحَقُ) [الأنعام : ٧٣](الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) : (٣٤) قال بعضهم : امترت فيه اليهود والنصارى ؛ أمّا اليهود فزعموا أنّه ساحر كذّاب ، وأمّا النصارى فزعموا أنّه ابن الله ، وثالث ثلاثة ، وإله.
قال الله تعالى : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ) : ينزّه نفسه عمّا يقولون. (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣٥). [يعني عيسى ، كان في علمه أن يكون من غير أب] (٣).
قوله : (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) : (٣٦) هذا قول عيسى لهم. ذكر جماعة من العلماء في عيسى بن مريم أنّ مريم لم تلد من فرجها ، وإنّما كان خروجه من الخاصرة. وبعضهم يقول : من تحت إبطها ، والله أعلم (٤). قوله : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٣٧). قال بعضهم : ذكر لنا أنّ عيسى لمّا رفع انتخبت بنو إسرائيل أربعة من فقهائهم ، فقالوا للأوّل : ما تقول في عيسى؟ قال : هو الله ، هبط إلى الأرض فخلق ما خلق ، وأحيى ما أحيى ، ثمّ صعد إلى السماء. فتابعه على ذلك أناس من الناس. فكانت اليعقوبيّة من النصارى. فقال الثلاثة الآخرون : نشهد أنّك كاذب. فقالوا للثاني : ما تقول في
__________________
وهذا يبيّن لنا جانبا من جوانب شخصيّة الشيخ هود العلميّة ، فهو يجلّ العلماء والعاملين المخلصين.
(١) كذا في المخطوطات وفي سع. وقال الفرّاء : «الجبّار الذي يقتل على الغضب ، ويضرب على الغضب».
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١٦٨ : «والحقّ في هذا الموضع يراد به الله. ولو أريد به قول الحقّ ، فيضاف القول إلى الحقّ ، ومعناه : القول الحقّ كان صوابا. كما قيل : (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) [الواقعة : ٩٥] ، فيضاف الشيء إلى مثله ...».
(٣) زيادة من سع ، ورقة ٢٢ ظ. والقول للسّدّيّ.
(٤) هذا غير وارد في سع ولا في ز ، ويبدو أنّه من زيادة بعض النسّاخ المولعين برواية غرائب الإسرائيليّات.