عيسى؟ قال : هو ابن الله. فتابعه على ذلك أناس من الناس ، فكانت النسطوريّة من النصارى. فقال الاثنان : نشهد أنّك كاذب. فقالوا للثالث : ما تقول في عيسى؟ فقال : هو إله ، وأمّه إله ، والله إله. فتابعه أناس من الناس ، فكانت الإسرائيليّة من النصارى. فقال الرابع : أشهد أنّك كاذب ، أشهد أنّك كاذب ، ولكنّه عبد الله ورسوله ، من كلمة الله وروحه. فاختصم القوم ؛ فقال المسلم : أناشدكم الله ، هل تعلمون أنّ عيسى كان يأكل الطعام ، وأنّ الله لا يطعم الطعام؟ فقالوا : اللهمّ نعم. فقال : هل تعلمون أنّ عيسى كان ينام ، وأنّ الله لا ينام؟ قالوا : اللهمّ نعم ، فخصمهم المسلم ، فاقتتل القوم. فذكر لنا أنّ اليعقوبيّة ظهرت يومئذ وأصيب المسلمون ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢١) [آل عمران : ٢١]. قال تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٣٧). قوله : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا) : أي يوم القيامة ، أي : ما أسمعهم يومئذ ، وما أبصرهم ، أي : سمعوا حين لم ينفعهم السمع ، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر (١). قال تعالى : (لكِنِ الظَّالِمُونَ) : يعني المشركين والمنافقين (الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٣٨).
قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ). ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنّه ذكر حديثا في البعث فقال : فليس من نفس إلّا وهي تنظر إلى بيت في الجنّة وبيت في النار ، فيقال لصاحب النار : هذا منزلك لو أطعت الله (٢) ، فتأخذه الحسرة. ويقال لصاحب الجنّة : هذا منزلك لو لا أنّ الله منّ عليك ؛ فهو قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ).
وذكروا عن بعض أصحاب النبيّ عليهالسلام أنّه قال : يجاء بالموت في صورة كبش أملح أبلق ـ وهو الذي يخالط بياضه شيء من سواد (٣) ـ حتّى يجعل على سور بين الجنّة والنار ، فيقال : يا أهل الجنّة ويا أهل النار ، هل تعرفون هذا؟ هذا الموت (٤) ، فيقولون : نعم ، فيذبح على السور
__________________
(١) في ب وفي ع جاءت العبارة هكذا : «سمعوا حيث لا ينفعهم السمع وأبصروا حيث لا ...» ، وأثبت ما جاء في سع ٢٢ ظ ، وفي ز ورقة ٢٠٣ ، فهو أصحّ وأبلغ.
(٢) كذا في ب وع ، وفي سع ورقة ٢٢ ظ : «فيرى أهل النار البيت الذي في الجنّة ، قال : ثمّ يقال : لو عملتم ، فتأخذهم الحسرة».
(٣) هذا الشرح اللغويّ لكلمة «أبلق» انفردت به مخطوطة ب ، وكأنّها زيادة من ناسخ.
(٤) في ع : «هذا ملك الموت» ، وهو خطأ انفردت به هذه المخطوطة ، ولم أجده في تفسير.