ثمّ قال : (يَعِظُكُمُ اللهُ) : [أي ينهاكم الله] (١) (أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٧) : فاتّعظوا بعظة الله فيما وعظكم ، وتأدّبوا بأدب الله فيما أدّبكم. (وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٨) : أي عليم بخلقه ، حكيم في أمره.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا) : [أي أن يظهر الزنا في تفسير قتادة] (٢) (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) : وهم المنافقون. كانوا يحبّون ذلك ليعيبوا به النبيّ عليهالسلام ويغيظوه. قال تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١٩) وعذاب الله في الدنيا للمنافقين أن تؤخذ منهم الزكاة كرها وما ينفقون في الغزو كرها قال الله تعالى في براءة (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ).
قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) : وهو مثل قوله الأوّل ، أي لأهلككم واستأصلكم ، يعني الذين قالوا ما قالوا. وليس يعني بالفضل والرحمة عبد الله بن أبيّ بن سلول فيهم ، وقد ذكره بعد هذه الآية أنّه في النار. قوله : (وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٢٠) : أي بالمؤمنين. وقد نفى الرحمة على الزاني والزانية في أوّل السورة ، لأنّهم ليسوا بمؤمنين.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) : أي خطايا الشيطان ؛ وبعضهم يقول : أمر الشيطان. قال : (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ) : أي فإنّ الشيطان (يَأْمُرُ) بالخطيئة ويأمر (بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (٣). قال : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) : وهي مثل الأولى (ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ) : أي ما صلح منكم من أحد (أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي) : أي يصلح (مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢١).
قوله : (وَلا يَأْتَلِ) : أي ولا يحلف (أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) : يعني الغنى (أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٢).
نزلت هذه الآية في أبي بكر الصدّيق ومسطح. وكان بين مسطح وبين أبي بكر قرابة ، وكان
__________________
(١) زيادة من سع ورقة ٥١ و.
(٢) زيادة من سع ورقة ٥١ و.
(٣) كذا في ب وع ، وفي سع ورقة ٥١ و : ولعلّ صوابه : (يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) أي : بالخطيئة ويأمر (بِالْمُنْكَرِ).