يتيما في حجره ، وكان ممّن أذاع على عائشة ما أذيع. فلمّا أنزل الله براءتها وعذرها ائتلى أبو بكر ، أي : حلف ، ألّا يرزأه (١) خيرا أبدا. فأنزل الله هذه الآية ، [أي فكما تحبّون أن يغفر الله لكم فاعفوا واصفحوا] (٢).
ذكروا أنّ النبيّ عليهالسلام دعا أبا بكر فتلاها عليه ثمّ قال : يا أبا بكر ، ألا تحبّ أن يعفو الله عنك؟ قال : بلى ، قال : فاعف وتجاوز (٣). فقال أبو بكر : لا جرم والله لا أمنعه معروفا كنت أوليه إيّاه قبل اليوم.
ذكروا عن عائشة قالت : كفّر أبو بكر يمينه لذلك (٤).
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ) : أي العفائف (الْمُؤْمِناتِ) : أي المصدّقات بالله ، العاملات بفرائضه (لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢٣) وإذا عظّم الله شيئا فهو عظيم.
ثمّ قال : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٤) : قال بعضهم : بلغني أنّه يعني عبد الله بن أبيّ بن سلول في أمر عائشة.
قولهم : (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ) : أي عملهم الحقّ ، أي : يدانون بعملهم (وَيَعْلَمُونَ) يومئذ (أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) : (٢٥) : والحقّ اسم من أسماء الله.
قوله : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ:) أي الخبيثات من القول والعمل للخبيثين من الرجال والنساء ، والخبيثون من الرجال والنساء للخبيثات من القول والعمل ، والطيّبات من القول والعمل للطيّبين من الرجال
__________________
(١) يقال : «رزأ فلان فلانا إذا برّه» كما في اللسان. وجاء في صحيح البخاريّ ، كتاب التفسير ، تفسير سورة النور : قالت عائشة : «فحلف أبو بكر ألّا ينفع مسطحا بنافعة أبدا».
(٢) زيادة من سع ورقة ٥١ و.
(٣) لم أجده بهذا اللفظ فيما بين يديّ من كتب الحديث ، ولكنّ معناه ثابت في كتب السنة والتفسير ، وقد أورده ابن سلّام بدون سند.
(٤) روى يحيى بن سلّام هذا الخبر بالسند التالي : «وحدّثني يحيى بن أيّوب عن هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة». انظر سع ورقة ٥١ و.