شتمها وذمّها (لَأَرْجُمَنَّكَ) : أي بالحجارة فأقتلنّك بها (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) : (٤٦) أي واهجرني سالما. قال مجاهد : واهجرني حينا. وقال الحسن : واهجرني طويلا ، أي : أطل هجراني.
(قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ) : قال الحسن : وهذه كلمة حلم. (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) (٤٧) : أي بدعائي فلا يردّه عليّ. وفي تفسير الكلبيّ : إنّه كان بي رحيما. وقال بعضهم : كان بي لطيفا. وقال بعضهم : الحفيّ : ذو المنزلة (١). وأمّا قوله : (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) فهو كقوله : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) [التوبة : ١١٤].
قوله : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) : يعني أصنامهم (وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) (٤٨) : أي عسى أن أسعد به.
قوله عزوجل : (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا) : (٤٩) أي إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
(وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) : أي النبوّة (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) (٥٠) : أي سنّة يقتدي بها من بعدهم ، ويثني عليهم من بعدهم. كقوله عزوجل : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (٨٤) [الشعراء : ٨٤] أي الثناء الحسن. وهو قوله : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) [العنكبوت : ٢٧] أي : أبقينا عليه الثناء الحسن في الآخرين.
قوله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى) : [يقول : اذكر لأهل مكّة أمر موسى] ، أي : اقرأه عليهم. (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ:) أي أيمن الجبل ، وهو كقوله : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) [سورة طه : ١١ ـ ١٢]. قوله : (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) : (٥٢) أي حين كلّمه الله. (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣)) : أي جعله الله وزيرا وأشركه معه في الرسالة.
قوله عزوجل : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ) : أي اقرأ عليهم أمر إسماعيل بن إبراهيم (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) : (٥٤) ذكروا أنّ إسماعيل وعد رجلا موعدا فجاء
__________________
(١) انفردت بهذا القول مخطوطتاب وع ؛ ولم أفهم له وجها ، ولم أجد في كتب التفسير معنى يشبهه. والصحيح أنّ الحفيّ هو «المبالغ في البرّ والإلطاف».