الموعد فلم يجد الرجل ، فأقام في ذلك الموضع حولا ينتظره (١).
قوله : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) وأهله قومه (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) : (٥٥) أي قد رضي عنه.
قوله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) : (٥٧) قال بعضهم : في السماء الرابعة. ذكروا عن مجاهد أنّه قال : لم يمت ، رفع كما رفع عيسى (٢).
قوله عزوجل : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) : أي أنعم الله عليهم بالنبوّة ، يعني من ذكر منهم من أوّل السورة إلى هذا الموضع. (مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) : أي ذرّيّة من كان في السفينة مع نوح. كان إدريس من ولد آدم قبل نوح ، وكان إبراهيم من ذرّيّة نوح.
قال عزوجل : (وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ) : وهو يعقوب ، وهو من ذرّيّة إبراهيم.
وقد ذكر فيها من كان من ولد يعقوب. قال عزوجل : (وَمِمَّنْ هَدَيْنا) : للإيمان (وَاجْتَبَيْنا) بالنبوّة. وتفسير (اجتبينا) : اخترنا ، وهو أيضا اصطفينا. (إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) (٥٨).
قوله : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) : يعني اليهود (أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ) : وقال في سورة النساء : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً
__________________
(١) هذا قول ابن عبّاس. وقال الرقاشيّ : اثنين وعشرين يوما. وقال مقاتل : ثلاثة أيّام. وقال الطبريّ رواية عن سهل بن عقيل : يوما وليلة.
(٢) روى الفراء ـ على غير ما عهدنا منه ـ خبرا غريبا في ج ٢ ص ١٧٠ من المعاني فقال في تفسير الآية : «ذكر أنّ إدريس كان حبّب إلى ملك الموت حتّى استأذن ربّه في خلّته. فسأل إدريس ملك الموت أن يريه النار ، فاستأذن ربّه فأراها إيّاه ، ثمّ استأذن ربّه في الجنّة فأراها إيّاه فدخلها. فقال له ملك الموت : اخرج ، فقال : والله لا أخرج منها أبدا. وإن الله قال : (وإن مّنكم ، إلّا واردها) فقد وردتها ، يعني النار ، وقال : (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) فلست بخارج منها إلّا بإذنه. فقال الله : بإذني دخلها فدعه ، فذلك قوله : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا). وهذا من نسيج خيال القصّاص ومن قبيل الإسرائيليّات التي كان لها سوق رائجة في ذلك العهد.