قوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) : أي تعفّفا (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا). قال بعضهم : كان الرجل يكره مملوكته على البغاء ليكثر ولدها.
وقال بعضهم : نزلت في أمة لعبد الله بن أبيّ ابن سلول كان يكرهها على رجل من قريش رجاء أن تلد منه ، فيفدي ولده. فذلك العرض الذي كان ابن أبيّ يبتغي.
قوله : (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَ) لهن (غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٣) [وليست لهم] (١) وكذلك هي قراءة ابن مسعود.
قوله : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ) : أي قد أنزلنا إليكم كتابا فيه آيات مبينّات ، أي : الحلال والحرام والأمر والنهي والفرائض والأحكام (وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) : أي أخبار الأمم السالفة (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٣٤).
ذكروا عن أبي الدرداء قال : نزل القرآن على ستّ آيات : آية مبشّرة وآية منذرة ، وآية فريضة ، وآية تأمرك ، وآية تنهاك ، وآية قصص وأخبار.
قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا
__________________
ـ ولو تباينت آراء الفقهاء من الصحابة وغيرهم في الموضوع. روى ابن سلّام قال : «حدّثني بحر بن كنيز عن الزهريّ قال : قضى عمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان وزيد بن ثابت وعائشة وابن عمر وعمر بن عبد العزيز أنّه عبد قنّ ما بقي عليه درهم حياته وموته ، قال : ولو ترك مالا فهو عبد أبدا حتّى يؤدّي ...». وروى «أنّ ابن مسعود قال : إذا أدّى الثلث أوقف رقبته فهو غريم ...». وقال : «وحدّثنا المسعوديّ عن الحكم بن عتيبة قال : المكاتب تجري فيه العتاقة في أوّل نجم يؤدّى».
(١) زيادة من سع ورقة ٥٣ ظ. أي أنّ مغفرة الله ورحمته للفتيات المكرهات على البغاء لا لسادتهنّ. قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٥١ : «كان أهل الجاهليّة يكرهون الإماء ويلتمسون منهنّ الغلّة فيفجرن ، فنهى أهل الإسلام عن ذلك (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ) لهن (غَفُورٌ رَحِيمٌ). وانظر تفسير الطبريّ ، ج ١٨ ص ١٣٣. وروى مسلم في كتاب التفسير ، باب قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) (رقم ٣٠٢٩) عن جابر «أنّ جارية لعبد الله بن أبيّ ابن سلول يقال لها : مسيلة ، وأخرى يقال لها : أميمة ، فكان يكرههما على الزنى ، فشكتا ذلك إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ ..). إلى قوله : (غَفُورٌ رَحِيمٌ).