(يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) أي : يكاد زيت الزجاجة يضيء (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) وهو مثل قلب المؤمن ، يكاد أن يعرف الحقّ من قبل أن يبيّن له فيما يذهب إليه قلبه من موافقة الحقّ فيما أمر به ، وفيما يذهب إليه من كراهيّة ما نهى عنه ؛ وهو مثل لقوله : (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ).
قال : (نُورٌ عَلى نُورٍ) أي : نور النار على الزيت في المصباح. فكذلك قلب المؤمن إذا تبيّن له الحقّ صار نورا على نور ، كما صار المصباح حين جعلت فيه النار نورا على نور : نور الزجاجة ، ونور الزيت ، ونور المصباح.
قال : (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) أي : لدينه (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
قوله : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) : وهي المساجد.
ذكروا عن أبي ذرّ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : (من بنى لله مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنّة) (١). ذكروا عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال : (كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من بنى مسجدا من ماله بنى الله له بيتا في الجنّة ، وإنّما يتقبّل الله من المّتقين) (٢).
ذكروا أنّ كعبا قال : في التوراة مكتوب : إنّ بيوتي في الأرض المساجد ؛ فمن توضّأ فأحسن وضوءه ، وزارني في بيتي أكرمته ، وحقّ على المزور أن يكرم زائره.
قوله : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (٣٦) : الغدوّ صلاة الصبح ، والآصال : العشيّ ، أي : الظهر والعصر. وقد ذكر في غير هذا الموضع المغرب والعشاء وجميع الصلوات الخمس.
__________________
(١) الحديث صحيح متّفق عليه ، أخرجه أصحاب السنن عن جملة من الصحابة بألفاظ متشابهة ، فأخرجه البخاريّ مثلا في كتاب الصلاة ، باب من بنى مسجدا ، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، عن عثمان بن عفّان في باب فضل بناء المساجد والحثّ عليها (رقم ٥٣٣) ورواه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات ، باب من بنى لله مسجدا (رقم ٧٣٥) عن عمر بن الخطّاب وعن عثمان بن عفّان (رقم ٧٣٦) وعن جابر بن عبد الله (رقم ٧٣٨) ورواه النسائيّ في المساجد عن عمرو بن عبسة من حديث أوله : «من بنى مسجدا ليذكر اسم الله فيه ...».
(٢) رواه يحيى بن سلّام بالسند التالي : ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عليّ ، وبهذا السند أخرجه ابن ماجه (رقم ٧٣٧) وإسناده ضعيف.