عليه لم يجئ معه إلى النبيّ ، فأنزل الله : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ، إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ).
قال : (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : على الاستفهام ، أي : في قلوبهم مرض النفاق وكفر النفاق (أَمِ ارْتابُوا) : فشكّوا في الله وفي رسوله ، على الاستفهام ، أي : قد فعلوا. (أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) : والحيف الجور ، أي : قد خافوا ذلك. (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٥٠) : أي ظلم النفاق (١).
عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من دعي إلى حكم من حكّام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حقّ له (٢).
قوله : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) : فهذا قول المؤمنين ، وذلك القول الأوّل قول المنافقين. قال : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥١).
قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) فيكمل فرضه فيما تعبّده به من القول والعمل (وَيَخْشَ اللهَ) : أي فيما مضى من ذنوبه (وَيَتَّقْهِ) : أي فيما بقي (فَأُولئِكَ) : أي الذين هذه صفتهم (هُمُ الْفائِزُونَ) (٥٢) : أي الناجون من النار إلى الجنّة.
قوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) : يعني المنافقين (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) : أي إلى الجهاد معه ، أي : أقسموا ولم يستثنوا ، وفيهم الضعيف والمريض ، ومن يوضع عنه الخروج ممّن له العذر.
قال الله : (قُلْ لا تُقْسِمُوا) : أي لا تحلفوا. ثمّ استأنف الكلام فقال : (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) :
__________________
(١) ورد تفسير هذه الآية في ب وع مضطربا مع بعض التكرار فأثبتّ تصحيحه من سع ورقة ٥٥ وو من ز ورقة ٢٣٥. وجاء في ب وع في تفسير قوله : (أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) ما يلي : «أي : لم يخافوا أن يحيف الله عليهم ورسوله ، وإنّما خافوا عدلهما عليهم».
(٢) كذا ورد هذا الحديث في ب وع ، وفي سع ورقة ٥٥ و ، جاء في أوّله : «من كان بينه وبين آخر خصومة فدعاه إلى حكم ...». ورواه السيوطيّ في الدرّ المنثور ، ج ٥ ص ٥٤ بلفظ : «من كان بينه وبين أخيه شيء فدعاه ...». وذكره ابن كثير في تفسيره ، ج ٥ ص ١١٦ وقال عنه : «وهذا حديث غريب وهو مرسل».