أي خير. وهذا إضمار ، أي : طاعة معروفة خير ممّا تضمرون من النفاق. (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٥٣).
قوله : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) : أي في كلّ ما تعبّدكم به فأكملوه ، وأوفوا به أجمع. ثمّ قال : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أي عن الوفاء بما أقرّوا لك به (١) (فَإِنَّما عَلَيْهِ:) يعني الرسول (ما حُمِّلَ) : أي من البلاغ (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) : أي من طاعته في جميع ما كلّفكم منها.
ذكروا أنّ يزيد بن سلمة (٢) قام للرسول صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت إذا كان علينا أمراء ، أخذونا بالحقّ ومنعوناه ، كيف نصنع؟ فأخذ الأشعث بثوبه فأجلسه ، [ثمّ قام فعاد أيضا ، فأخذ الأشعث بثوبه] (٣) فقال : لا أزال أسأله حتّى يجيبني أو تغيب الشمس ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اسمعوا وأطيعوا فإنّما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم (٤).
قوله : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) : وإن تطيعوه ، يعني النبيّ عليهالسلام (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٥٤) : كقوله : (وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) [الأنعام : ١٠٧] أي : تحفظ عليهم أعمالهم حتّى تجازيهم بها.
قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
__________________
(١) كذا في ب وع ، ويبدو أنّ هذا سهو من ناسخ ، والأصحّ أن تكون العبارة هكذا : «عمّا أقررتم له به» ، ففي سع ورقة ٥٥ ظ وفي ز : «فإن أعرضتم عنها» على تقدير : فإن تتولّوا. وهذا ما ذهب إليه جمهور المفسّرين. انظر معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ٢٥٨ ، فقد بيّن المعنى أحسن بيان ، وفصّل فيه القول بما لا مزيد عليه. وانظر كذلك تفسير الطبريّ ، ج ١٨ ص ١٥٨.
(٢) كذا في المخطوطات «يزيد بن سلمة» ، وفي صحيح مسلم «سلمة بن يزيد». وقد ذكر ابن عبد البرّ في الاستيعاب ، ج ٢ ص ٦٤٤ اختلاف الرواة في اسمه هل هو سلمة بن يزيد أو يزيد بن سلمة ، وأورد اسمه في موضعين : في باب سلمة ، وفي باب يزيد. وهو يزيد بن سلمة بن مشجعة ، كوفيّ ، روى عنه علقمة بن قيس.
(٣) زيادة من سع ورقة ٥٥ ظ.
(٤) الحديث صحيح. أخرجه مسلم والترمذيّ ؛ أخرجه مسلم في كتاب الإمارة ، باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق ، عن وائل الحضرميّ (رقم ١٨٤٦).