بسرات فأمسكهنّ ، ثمّ قال : يا أبا الخطّاب ، إنّي قد أخذت من هذا البسر. فقال : هو لك حلال وإن لم تذكره لي ، لأنك مؤاخيّ.
قال بعضهم (١) : لم يذكر الله في هذه الآية بيوت الابن ، فرأيت أنّ النبيّ عليهالسلام إنّما قال للابن : أنت ومالك لأبيك (٢) من هذه الآية ؛ لأنّه قال : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ ، أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ ، أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) ، ولم يقل : أو بيوت أبنائكم. ثمّ ذكر ما بعد ذلك من القرابة حتّى ذكر الصديق ولم يذكر الابن.
قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) : قال بعضهم : كان بنو كنانة بن خزيمة يرى أحدهم أنّ محرما عليه أن يأكل وحده في الجاهليّة ، حتّى إنّ الرجل ليسوق الذّود الحفّل (٣) وهو جائع فلا يأكل أو يشرب حتّى يجد من يؤاكله ويشاربه ، فأنزل الله هذه الآية.
قوله : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٦١) : أي لكي تعقلوا. أي : إن دخل على قوم سلّم عليهم ، وإن كان رجل واحد سلّم عليه. قوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي : على إخوانكم ، أي : يسلّم بعضكم على بعض. وإذا دخل الرجل بيته سلّم عليهم. [وقال قتادة : إذا دخلت فسلم على أهلك فهم أحقّ من سلّمت عليه ، فإذا دخلت بيتا لا أحد فيه فقل : سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإنّه كان يؤمر بذلك. حدّثنا أنّ الملائكة تردّ عليه] (٤).
__________________
وهذا نموذج من الاضطراب والخلط في الروايات ، كما تكرّرت في ب وع.
(١) هو يحيى بن سلّام كما ورد ذكر اسمه في ز وفي سع. وهذا دليل على تفقّهه في الدين وقوّة استنباطه ونفاذه إلى أسرار القرآن.
(٢) حديث صحيح أخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب التجارات ، باب ما للرجل من مال ولده (رقم ٢٢٩١) عن جابر بن عبد الله ، وفي الباب حديث آخر (رقم ٢٢٩٠) ترويه عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ أطيب ما أكلتم من كسبكم ، وإنّ أولادكم من كسبكم».
(٣) الذّوذ هي الإبل ما بين الثلاث إلى العشر. والحفّل منها : الممتلئة ضروعها لبنا.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من سع ورقة ٥٦ ولتمام الفائدة.