وقال بعضهم : منعت البيوت زمانا ؛ كان الرجل لا يتضيّف (١) أحدا ولا يأكل في بيت أحد تأثّما من ذلك (٢).
[قال يحيى : بلغني أنّ] (٣) ذلك كان حين نزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [النساء : ٢٩] فكان أوّل من رخّص الله له الأعمى والأعرج والمريض ، ثمّ رخّص الله لعامّة المؤمنين ؛ فقال :
(وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) فلا بأس أن يأكلوا من بيوت هؤلاء بغير إذن.
قوله : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) قال بعضهم : هم الذين خلّفوا على تلك المنازل وجعلت مفاتحها بأيديهم. وقال بعضهم : هم المملوكون الذين هم خزنة على بيوت مواليهم. قال الحسن : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) أي : خزائنه ، أي : ممّا كنتم عليه أمناء.
قوله : (أَوْ صَدِيقِكُمْ) [قال قتادة : فلو أكلت من بيت صديقك عن غير مؤامرته لكان الله قد أحلّ لك ذلك] (٤).
ذكروا عن الحسن أنّه سئل عن الرجل يدخل بيت أخيه ، يعني صديقه ، فيخرج صاحب البيت ، فيرى صديقه الشيء من الطعام في البيت ، أيأكله بغير إذنه؟ فقال : كل من طعام أخيك.
قال الحسن [بن دينار] : كنّا في بيت قتادة (٥) ونحن جماعة فأتينا ببسر ، فتناول رجل من القوم
__________________
(١) يقال : أضفت الرجل وضيّفته إذا أنزلته بك ضيفا وقريته. وضفت الرجل ضيافة إذا نزلت عليه ضيفا. وكذلك تضيّفته.
(٢) انظر في أسباب نزول الآية روايات عدّدها الواحديّ في أسباب النزول ، ص ٣٤٣ ـ ٣٤٤.
(٣) زيادة من سع ورقة ٥٦ وحتّى ينسب كلّ قول إلى صاحبه.
(٤) زيادة من سع ورقة ٥٦ و.
(٥) في ب وع : جاءت الرواية هكذا : «قال الحسن كنّا عند رجل من الصحابة في بيته» ، وهو خطأ محض ، فإنّ قتادة ، وهو الذي يكنّى أبا الخطاب ، لم يكن صحابيّا ، فأثبتّ التصحيح من سع كما وردت في ورقة ٥٦ و.