يَسْتَأْذِنُوهُ) : أي يستأذنوا الرسول عليهالسلام. (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) : أي مصدّقين بالله ورسوله ، عاملين بجميع فرائضه ، غير منافقين ولا منتقصين لشيء من فرائض الله التي فرضها عليهم.
(فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) : يريد الغائط والبول (١) ، ولكنّ الله كنّى عن ذلك (فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) : وقد أوجب الله على النبيّ والإمام بعده أن يأذن لهم ، ولكنّ الله أراد بذلك إكرام النبيّ عليهالسلام وإعظام منزلته. فإذا كانت لرجل حاجة قام حيال الإمام ، وأمسك بأنفه وأشار بيده.
قال : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : (٦٢) قال بعضهم : إنّها نسخت الآية في براءة : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) (٤٣) [التوبة : ٢٣]. وهي عنده في الجهاد ، وإنّ المنافقين كانوا يستأذنونه في المقام عن الغزو بالعلل الكاذبة ، فرخّص الله للمؤمنين أن يستأذنوه إذا كان لهم عذر. وبعضهم يقول : (وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) أمر طاعة.
قوله : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) : أي لا تقولوا : يا محمّد ، ولكن قولوا : يا رسول الله ، ويا نبيّ الله ، في لين وتواضع وتودّد.
أمرهم الله أن يعظّموا الرسول ، ويعظّموا حرمته ولا يستخفّوا بحقه (٢) ، وأمرهم أن يجيبوه لما دعاهم إليه من الجهاد والدين.
قوله : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) : أي فرارا من الجهاد في سبيل الله ، يعني المنافقين ، يلوذ بعضهم ببعض استتارا من النبيّ عليهالسلام حتّى يذهبوا.
قال : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) : أي عن أمر الله ، يعني المنافقين (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) : أي بليّة (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) : (٦٣) أي وجيع. أي : أن يستخرج الله ما في قلوبهم من النفاق حتّى يظهروه ويتباينوا به ، فيصيبهم بذلك العذاب الأليم ، أي : القتل. هو كقوله : (لَئِنْ
__________________
(١) الصحيح أنّها الحاجات أيّا كانت ، فقد تعرض لهم حاجات من أمور دنياهم يستأذنون الرسول لقضائها.
(٢) كذا في ب ، وفي ع : «ولا يستخفّوا به».