أي حتّى تركوا الذكر لّما جاءهم في الدنيا (وَكانُوا قَوْماً بُوراً) (١٨) : أي فاسدين فساد الشرك. وقال مجاهد : هالكين.
قال الله لهم في الآخرة : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) : قال الحسن : يقول للمشركين : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) أي : إنّهم آلهة.
وفي تفسير مجاهد قال : يكذّبون المشركين بقولهم ، إذ جعلوهم آلهة ، فانتفوا من ذلك ونزّهوا الله عنه. وبعضهم يقرأها : (بما يقولون) يعني قول الملائكة في قول الحسن ، وفي قول مجاهد : الملائكة وعيسى وعزير.
قال : (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً) : قال الحسن : فما يستطيع الذين عبدوهم لهم (صَرْفاً) ، أي : أن يصرفوا عنهم العذاب ، (وَلا نَصْراً) أي : ولا ينصرونهم.
قوله : (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ) : أي ومن يشرك منكم وينافق (نُذِقْهُ) : أي نعذّبه (عَذاباً كَبِيراً) (١٩) كقوله : (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) (٢٤) [الغاشية : ٢٣ ـ ٢٤].
قوله : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) : [أي : إلّا إنّهم كانوا يأكلون الطعام] (١) ، كقوله : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الأنبياء : ٨] أي : ولكن جعلناهم جسدا يأكلون الطعام قال (وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) فهذا جواب للمشركين حيث قالوا : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ).
قوله : (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) (٢٠).
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (ويل للمالك من المملوك ، وويل للمملوك من المالك ، وويل للغنيّ من الفقير ، وويل للفقير من الغنيّ ، وويل للعالم من الجاهل ، وويل للجاهل من العالم ، وويل للشديد من الضعيف ، وويل للضعيف من الشديد) (٢).
__________________
(١) زيادة من سع ٥٩ و. وقال الفرّاء في المعاني ج ٢ ص ٢٦٤ : (لَيَأْكُلُونَ) صلة لاسم متروك اكتفى بمن المرسلين منه ، كقولك في الكلام : ما بعثت إليك من الناس إلّا من إنّه ليطيعك».
(٢) أورد ابن سلّام هذا الحديث مرسلا هكذا : «أبو الأشهب عن الحسن والمبارك عن الحسن قال : قال رسول ـ