قوله : (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) (١٣) : أي ويلا وهلاكا. (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً) : ويلا وهلاكا واحدا (وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) (١٤) : [أي : ويلا كثيرا وهلاكا طويلا] (١).
ثمّ قال على الاستفهام : (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) : أي إنّ جنّة الخلد خير من ذلك (الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً) : أي بقدر أعمالهم (وَمَصِيراً) (١٥) : أي يصيرون إليها وتكون لهم منزلا ومثوى.
(لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ) : أي لا يموتون ولا يخرجون منها (كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) (١٦) : أي سأل المؤمنون الله الجنّة فأعطاهم إيّاها. وقال بعضهم : سألت الملائكة الله للمؤمنين الجنّة ، وسؤالهم ذلك كان في سورة حم المؤمن إذ قالوا : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ ..). إلى آخر الآية [غافر : ٨].
قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ): وهذا على الاستفهام ، وقد علم أنّهم لم يضلّوهم ، يقوله للملائكة في تفسير الحسن. وقال مجاهد : يقوله للملائكة وعيسى وعزير. ونظير قول الحسن في هذه الآية : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) (٤١) [سبأ : ٤٠ ـ ٤١] أي : الشياطين من الجنّ. (أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) (١٧).
(قالُوا) : قالت الملائكة في تفسير الحسن. وقال مجاهد : قالت الملائكة وعيسى وعزير : (سُبْحانَكَ) : ينزّهون الله عن ذلك (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) : أي لم نكن نواليهم على عبادتهم إيّانا. وبعضهم يقرأها : (أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) يعبدوننا من دونك).
(وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) في عيشهم في الدنيا بغير عذاب (حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) :
__________________
(١) زيادة من سع ورقة ٥٩ و. وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٧١ : (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) أي هلكة ، وهو مصدر ، ثبر الرجل ، أي : هلك. قال [ابن الزبعري] :
إذ أجاري الشيطان في سنن الغ |
|
يّ ومن مال ميله مثبور». |