فقال أبو جهل : لا والذي جعلها بنية ، يعني الكعبة ، ما أعرف ما يقول قليلا ولا كثيرا ، و (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً).
قوله : (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) : يعني قولهم : (إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ـ آخَرُونَ) وقولهم : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها) ، وقولهم : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) وقولهم : ساحر وشاعر وكاهن ومجنون ، و (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ ، نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها). قال الله : (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ).
قال : (فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) (٩) : أي مخرجا من الأمثال التي ضربوا لك ، في تفسير مجاهد (١).
قوله : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : فإنّما قالوا هم : جنّة واحدة (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) (١٠) : أي في الدنيا إن شاء ، وهذا على مقرأ من قرأها ولم يرفعها ، ومن قرأها بالرفع : (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) أي : في الآخرة.
قال : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) أي بالقيامة (وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) : والسعير اسم من أسماء جهنّم.
قوله : (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) : [قيل] (٢) : مسيرة خمسمائة سنة (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً) : أي عليهم (وَزَفِيراً) (١٢) : أي صوتها.
قوله : (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها) : أي في النار (مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ) : ذكروا عن عبد الله بن عمر أنّه كان يقول : إن جهنّم لتضيق على الكافر كضيق الزّجّ على الرمح ، وقوله : (مُقَرَّنِينَ) ، أي : هو وشيطانه الذي كان يدعوه إلى الضلالة في سلسلة واحدة ، يلعن كلّ منهما صاحبه ، ويتبرّأ كلّ واحد منهما من صاحبه.
__________________
(١) زيادة من ز ورقة ٢٣٨ ، وقد جاء في تفسير مجاهد ص ٤٤٧ : «يقول : لا يستطيعون مخرجا يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك».
(٢) زيادة يقتضيها سياق المعنى ، فإنّه لم يرد في ذلك نصّ قطعيّ.