قوله : (وَلَقَدْ أَتَوْا) يعني مشركي العرب أتوا (عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) يعني قرية لوط. ومطر السوء الحجارة التي رمى بها من كان خارجا من المدينة وأهل السفر منهم. قال : (أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها) : أي فيتفكّروا ويحذروا أن ينزل عليهم ما نزل بهم. أي : بلى ، قد أتوا عليها ورأوها. مثل قوله : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٣٨) [الصافات : ١٣٧ ـ ١٣٨] قال : (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) (٤٠) : أي لا يخافون بعثا ولا حسابا.
(وَإِذا رَأَوْكَ) : يعني الذين كفروا (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (٤١) : أي فيما يزعم ، يقوله بعضهم لبعض (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا) : يعنون أوثانهم (لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها) : أي على عبادتها. قال الله : (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ) : في الآخرة (مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (٤٢) : أي إنّهم كانوا أضلّ سبيلا من محمّد.
قوله : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) : ذكروا عن الحسن قال : [هو المنافق يصيب هواه ، كلّما هوي شيئا فعله] (١). قوله : اتّخذ هواه إلها ، يعني المشرك. قوله : (أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) (٤٣) : أي حفيظا تحفظ عليه عمله حتّى تجازيه به ، أي : إنّك لست بربّ ، إنّما أنت نذير.
قوله : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ) : يعني المشركين (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ) : أي فيما يعبدونه (أَضَلُّ سَبِيلاً) (٤٤) : من الأنعام.
قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) : قال الحسن : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. (وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً) : أي لا يزول. قال : (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ) : أي على الظلّ (دَلِيلاً) (٤٥) : أي تتبعه وتقبضه (٢).
قال : (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) (٤٦) : أي يسيرا علينا. كقوله : (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (١٩) [العنكبوت : ١٩] (٣). وقال مجاهد : (ساكِناً) لا تصيبه الشمس ولا يزول. (ثُمَّ جَعَلْنَا
__________________
(١) زيادة من سع ورقة ٦٠ ظ. وهذا هو قول الحسن ، لا ما ذكر بعد ونسب إليه في ب وع.
(٢) كذا في ب وع : «تتبعه وتقبضه» ، وفي ز ورقة ٢٤٠ : «تتلوه وتتبعه حتّى تأتي عليه». وهذه العبارة أوضح. وجاء في سع ورقة ٦١ و ، بدلا من العبارتين ، «فظلّلت الشمس كلّ شيء».
(٣) هذا وجه من وجوه التأويل. وقد ذهب آخرون إلى تأويل آخر ؛ وهو أنّ الله يقبض إليه الظلّ بعد غروب ـ