الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) أي : تحويه. (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً) أي : حوى (١) الشمس إيّاه. وقال بعضهم : وذلك حين يقوم العمود نصف النهار حين لا يكون ظلّ ؛ فإذا زالت الشمس رجع الظلّ فازداد حتّى تغيب الشمس.
قوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً) : يعني سكنا يسكن فيه الخلق (وَالنَّوْمَ سُباتاً) : أي يسبت فيه النائم حتّى لا يعقل (٢). (وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) (٤٧) : أي ينتشر فيه الخلق لمعايشهم ولحوائجهم ولتصرّفهم.
قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً) أي تلقح السحاب (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي بين يدي المطر. [قال : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) : يعني المطر ، (طَهُوراً) (٤٨) للمؤمنين يتطهّرون به من الأحداث والجنابة.
قال : (لِنُحْيِيَ بِهِ) : أي بالمطر (بَلْدَةً مَيْتاً) : اليابسة التي ليس فيها نبات.
(وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً (٤٩) وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ) : يعني المطر (لِيَذَّكَّرُوا).
ذكروا عن ابن عبّاس قال : ما عام بأكثر مطرا من عام ، أو قال : ماء ، ولكن الله يصرّفه حيث يشاء] (٣) ثمّ تلا هذه الآية : (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا) (٤) قال الحسن : فيكونوا متذكّرين بهذا المطر فيعلمون أنّ الذي أنزل هذا المطر الذي يعيش به الخلق وينبت به النبات في الأرض اليابسة قادر على أن يحيي الموتى.
__________________
ـ الشمس قبضا يسيرا. أي : قبضا خفيّا ، شيئا بعد شيء. وقد فصّل ابن قتيبة هذا التأويل الأخير تفصيلا حسنا وقال عنه : هو «أجمع للمعاني وأشبه بما أراد». انظر ابن قتيبة : تأويل مشكل القرآن ، ص ٣١٤ ـ ٣١٥.
(١) لم أجد هذا المصدر في كتب اللغة وإن كان القياس الصرفيّ لا يمنعه. بل ذكرت المعاجم : «حوى الشيء يحويه حيّا وحواية واحتواء». كما في اللسان.
(٢) أصل معنى السبت الاستراحة والسكون. وقيل معناه : قطع الحركة ، فكأنّ النوم قطع للأعمال. وانظر اللسان : (سبت).
(٣) ما بين المعقوفين كلّه ساقط من ب وع ، وأثبتّه من سع ورقة ٦١ و ، وز ورقة ٢٤٠.
(٤) انظر بعض معاني هذا التصريف في تفسير القرطبيّ ، ج ١٣ ص ٥٧.