ذكروا عن عبد الله بن عمرو قال : لا تقوم الساعة حتّى يجتمع أهل البيت على الإناء الواحد يعرفون مؤمنيهم من كافريهم. قال : تخرج دابّة الأرض فتمسح كلّ إنسان على مسجده (١) ؛ فأمّا المؤمن فتكون نكتة بيضاء فتفشو في وجهه حتّى يبيضّ لها وجهه ، وأمّا الكافر فتكون نكتة سوداء حتّى يسودّ وجهه ؛ حتّى إنّهم ليتبايعون في أسواقهم فيقول هذا : كيف تبيع هذا يا مؤمن ، ويقول هذا : كيف تأخذ هذا يا كافر. فما يردّ بعضهم على بعض.
قوله : (تُكَلِّمُهُمْ ، أَنَّ النَّاسَ) أي : المشركين (كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) وبعضهم يقرأها : (تكلمهم) أي : تجرحهم (٢). وبعضهم يقول : تسمهم.
قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) : يعني كفّار كلّ أمّة (مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) (٨٣) : لهم وزعة تردّ أولاهم على أخراهم.
قال : (حَتَّى إِذا جاؤُ) : أي حتّى إذا قدم بهم على الله (قالَ) الله : (أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي) : أي بحجّتي (٣) (وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً) : أي بأنّ ما عبدتم من دوني ما خلقوا معي شيئا ولا رزقوا معي شيئا ، وإنّ عبادتكم إيّاهم لم تكن بإحاطة علم علمتموه ، إنّما كان ذلك منكم على الظنّ. (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨٤) : يستفهمهم بذلك وهو أعلم بذلك منهم ؛ أي : يحتجّ عليهم.
قال : (وَوَقَعَ الْقَوْلُ) : أي الغضب (عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا) : أي بما أشركوا (فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) (٨٥).
قوله : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) : أي منيرا (٤) (إِنَ
__________________
(١) المسجد ، بفتح الجيم ، جبهة الرجل حيث يصيبه أثر السجود.
(٢) هذا الشرح لكلمة : (تُكَلِّمُهُمْ) ممّا انفردت به ب وع. وفي سع ٧٠ و : «تكلمهم ، أي : تسمهم». وما ورد في ب وع أصحّ ، وكأنّ الفرّاء لم يستسغ هذه القراءة حين قال في المعاني ، ج ٢ ص ٣٠٠ : «واجتمع القرّاء على تشديد (تُكَلِّمُهُمْ) ، وهو من الكلام. وحدّثني بعض المحدّثين أنّه قال : (تُكَلِّمُهُمْ) و (تُكَلِّمُهُمْ).
(٣) كذا في ب وع : «أي بحجّتي». وهو تأويل انفردت به ب وع. والحقّ أنّ آيات الله أعمّ من حجّته ، وإن كان له وحده الحجّة البالغة.
(٤) وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ٩٦ : (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) مجازه مجاز ما كان العمل والفعل فيه لغيره ؛ أي : ـ