الإيمان. كقوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ) يقوله على الاستفهام ، (حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٩٩) [يونس : ٩٩] أي : إنّك لا تستطيع أن تكرههم ، فإنّما يؤمن من أراد الله أن يؤمن. وكقوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦].
قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ) : أي بلى ، قد رأوا أنّ الله خلق الخلق ، قال : (ثُمَّ يُعِيدُهُ) : يعني يوم البعث (١) ، يخبر أنّه يبعث العباد ، والمشركون لا يقرّون بالبعث. قال : (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (١٩) : أي خلقهم وبعثهم.
ثمّ قال للنبيّ عليهالسلام : (قُلْ) لهم : (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) : أي حيثما ساروا رأوا خلق الله الذي خلق. قوله : (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) : أي الخلق الآخر ، يعني البعث ، أي : إنّ الله خلقهم وإنّه يبعثهم. (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٠).
قوله : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) : أي يعذّب الكافر بالنار ، ويرحم المؤمن فيدخله الجنّة. قال : (وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) (٢١) : أي ترجعون يوم القيامة.
قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) فتسبقونا حتّى لا نقدر عليكم فنعذّبكم. يقول ذلك للمشركين. قال : (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ) : أي من قريب يمنعكم من عذابه (وَلا نَصِيرٍ) (٢٢).
قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) : [أي من جنّتي] (٢) (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢٣) : أي موجع ، يعني عذاب الجحيم.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : خمس من لقي الله بهنّ مستيقنا عاملا دخل الجنّة : من شهد ألّا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، وأيقن بالموت والبعث والحساب ، وعمل بما أيقن من
__________________
(١) جاء في مجاز أبي عبيدة ما يلي : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ) مجازه : كيف استأنف الخلق الأوّل. (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بعد ؛ يقال : رجع عوده على بدئه ، أي : آخره على أوّله ؛ وفيه لغتان : يقال : أبدأ وأعاد ، وكان ذلك مبدئا ومعيدا ، وبدأ وعاد ، وكان ذلك بادئا وعائدا».
(٢) زيادة من سح ورقة ٧٠.