ذلك (١).
قوله : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) : أي قوم إبراهيم (إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ:) يقوله بعضهم لبعض (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) : وقد فسّرنا ذلك في سورة الأنبياء (٢) قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٢٤).
(وَقالَ) إبراهيم (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : أي يوادّ بعضكم بعضا ، أي : يحبّ بعضكم بعضا على عبادة الأوثان في الحياة الدنيا. (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ) : أي بولاية بعضكم بعضا ، وقال بعضهم : يتبرّأ بعضكم من بعض (وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٢٥).
قال : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) : أي فصدّقه لوط (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) : يقوله إبراهيم (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٦) هاجر من أرض العراق إلى أرض الشام.
قال : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) : فكان أوّل كتاب أنزل بعد كتاب موسى وما بعده من الكتب. قال : (وَآتَيْناهُ) : أي أعطيناه (٣) (أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) : فليس من أهل دين إلّا وهم يتولّونه ويحبّونه. وهو مثل قوله : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (١٠٨) [صافات : ١٠٨]. قال : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (٢٧) : أي لمن أهل الجنّة.
قوله : (وَلُوطاً) : أي وأرسلنا لوطا (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) : أي المعصية ، وهي إتيان الرجال في أدبارهم. (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) (٢٨) : أي من عالم أهل زمانهم.
(أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ) في أدبارهم ، وهذا على الاستفهام ، أي : إنّكم تفعلون
__________________
(١) لم أجده بهذا اللفظ فيما بين يديّ من المصادر ، وقد رواه ابن سلّام هكذا : «عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي سلّام الشاميّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...» وليس فيه الجملة الأخيرة : «وعمل بما أيقن من ذلك» فإنّها لم ترد إلّا في ب وع. وجاء في سح ورقة ٧٠ بعد هذا الحديث حديثان آخران في الموضوع ، أوّلهما عن ثوبان : «خمس من أثقل شيء في الميزان ...» ، وثانيهما عن عليّ : «لا يؤمن عبد حتّى يؤمن بأربع ...».
(٢) انظر ما سلف في هذا الجزء ، تفسير الآيات ٦٨ ـ ٧٠ من سورة الأنبياء.
(٣) في ب وع : «اصطفيناه» ، وهو خطأ ، وأثبتّ ما جاء في سع وسح وهو الصحيح.