ذلك (١). قال : (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) : أي على الغرباء ، فتأتونهم في أدبارهم ، وكانوا لا يفعلون ذلك إلّا بالغرباء. وكانوا يتعرّضون الطريق ويأخذون الغرباء ولا يفعله بعضهم ببعض (٢). قال : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) : أي الفاحشة ، يعني فعلهم ذلك (٣).
قال : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٢٩) : وذلك لما كان يعدهم به من العذاب.
(قالَ) : أي قال لوط : (رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) (٣٠) : أي المشركين ، وهو أعظم الفساد ، والمعاصي كلّها من الفساد ، وأعظمها الشرك ، وكانوا على الشرك جاحدين لنبيّهم.
قال : (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا) : يعني الملائكة (إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) : أي بإسحاق ، وذلك أنّ الملائكة لّما بعثت إلى قوم لوط بعذابهم مرّوا بإبراهيم فسألوه الضيافة ، فلمّا أخبروه أنّهم أرسلوا بعذاب قوم لوط بعدما بشّروه بإسحاق (قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) : يعنون قرية قوم لوط (إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ) (٣١) : أي مشركين.
(قالَ) لهم إبراهيم (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٣٢).
قال : (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) : يعني الملائكة (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً :) يعني سيء بقومه الظنّ ، أي : بما كانوا يأتون الرجال في أدبارهم ، تخوّفهم على أضيافه ، وهو يظنّ أنّهم آدميّون. قال : (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) أي : ضاق بأضيافه الذرع ، لما تخوّف عليهم [من عمل قومه] (٤). (وَقالُوا) : أي الملائكة قالت للوط : (لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ
__________________
(١) جاء في ز ورقة ٣٥٩ ما يلي : «قال محمّد : (أَإِنَّكُمْ) لفظه لفظ الاستفهام ، والمعنى معنى التقرير والتوبيخ».
(٢) وفي معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ٣١٦ : «ويقال : (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ)) : تقطعون سبيل الولد بتعطيلكم النساء».
(٣) وقال الفرّاء : «وقوله : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) في مجالسكم ، والمنكر منه الخذف ، والصفير ، ومضغ العلك ، وحلّ أزرار الأقبية والقمص ، والرمي بالبندق ، ويقال : هي ثماني عشرة خصلة من قول الكلبيّ لا أحفظها ، وقال غيره : هي عشر».
(٤) زيادة من ز ورقة ٢٥٩ للإيضاح ، وفي ع وسح : «يتخوّف عليهم منهم».