إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٣٣).
قوله : (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) : يعني قرية قوم لوط (رِجْزاً) : أي عذابا (مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٣٤) : أي يشركون.
قال : (وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً) : أي عبرة بيّنة (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٣٥). وهم المؤمنون ؛ عقلوا عن الله ما أنزل إليهم ، فأخبرهم أنّه جعل عاليها سافلها ، أي : خسف بهم ، وأمطر عليهم الحجارة. وذكر جماعة من العلماء أنّ مدائن قوم لوط خمسة : عمورة وصغيرة ، ودادونا ، وصابورا ، وسدوم ، خسف بها كلّها.
قوله : (وَإِلى مَدْيَنَ) : أي وأرسلنا إلى مدين (أَخاهُمْ شُعَيْباً) : أي أخاهم في النسب وليس بأخيهم في الدين (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) : أي صدّقوا باليوم الآخر (١) (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٣٦) : أي ولا تسيروا في الأرض مفسدين ، في تفسير بعضهم. وتفسير الحسن : ولا تكفروا في الأرض مفسدين.
(فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) : والرجفة ههنا عند الحسن مثل الصيحة ؛ وهما عنده العذاب. قال الله : (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) (٣٧) : أي موتى قد هلكوا. (وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ) : يعني ما رأوا من آثارهم. قال : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) : أي عن سبيل الهدى (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) (٣٨) : أي في الضلالة.
قال : (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) : أي وأهلكنا قارون وفرعون وهامان (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ) (٣٩) : أي ما كانوا يسبقوننا حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم.
__________________
(١) كذا في المخطوطات الأربع ، وهو قول له وجه من التأويل. وقال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١١٥ : "(وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) مجازه : واخشوا اليوم الآخر. قال أبو ذؤيب :
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها |
|
وحالفها في بيت نوب عوامل |
أي : لم يخف». انظر السّكري ، شرح أشعار الهذليّين ، ج ١ ص ١٤٤. وفيه : «لم يرج لسعها : لم يخف ولم يبالها».